الكابوس في همسات تيزنيتية من أمريكا : عندما تحس أنك فعلا أستاذ (2)

الكابوس 2

مراسلة أسبوعية من أمريكا  يعدها الأستاذ إبراهيم الكبوس 

جامعة بنسيلفانيا :  الجامعة المدينة

                في  اليوم الموالي بدأنا نتعرف على المشاركين في الدورة التدريبية الصيفية بمدينة فيلاديلفيا  من كل الدول وكان أغلبهم من الشباب بحكم أن  جل المشاركين تقل أعمارهم عن تسعة وعشرون سنة  انطلق برنامجنا الذي سيمتد على مدى خمسة أيام  قبل أن نلتحق بالمؤسسات الجامعية التي سنشتغل بها

            و لعل ما أثار انتباهي في جامعة بنسلفانيا احترام الوقت  سواء من المؤطرين والطلبة  كما أن الجامعة تعتبر من أحسن الجامعات الامريكية من حيت التحصيل و البحت العلمي و تضم  مختلف التخصصات كما تستقبل الطلبة من جميع أنحاء العالم .

             كنا أربعة مغاربة وبعض الإخوان من تونس و مصر وكنا في الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر رمضان  و كان لزاما علينا أن نتدبر أمر وجبة الفطور إلا أن المشرفين على الدورة التكوينية أعدوا برنامجا غذائيا للمشاركين  من الدول الإسلامية  بمناسبة شهر  الصيام  و هو ما أثلج صدورنا و أحسسنا أننا في بلد يحترم  الاختلاف .بعد يومين  حل عيد الفطر  إلا أن فرحته لم تكن كسابقيه على اعتبار عدم الاحتفال مع الأهل و الأصدقاء  في جو عائلي  و رغم ذلك احتفلنا بقدوم العيد وتلقينا التهاني من جميع المشاركين .

حفل  ختام بدون رقصة أحواش

وصل اليوم الخامس و الأخير من الدورة التكوينية  و كعادة الأمريكيين في الاحتفال بالنجاح  كان لزاما إقامة عشاء رسمي و فقرات فنية من تقديم المشاركين في التدريب  القادمين من دول مختلفة . بعد وجبة العشاء الفخمة انطلق الحفل الفني الذي تضمن  عروضا للأزياء و رقصات و موسيقى الدول المشاركة  و قد  قام بتنشيط  الحفل كولهايو كوبيلوفا من أوزبكستان و ابراهيم الكبوس من المغرب  حيت استمتع الحاضرون بفقرات تخللتها بعض اللحظات الطريفة .

             لكن الشيء الذي مازال عالقا في ذهني و الذي حز في نفسي  هو ما قام به بعض المغاربة  حيت كان الاتفاق مبدئيا  على أداء رقصة أحواش لتمثيل المغرب خلال الأمسية ; أثناء تقديمي للفرق المشاركة لاحظت الانسجام و التفاهم بين المشاركين الممثلين  لنفس الدولة  . أثناء أداء المشاركين من الارحنتين لرقصتهم توجهت إلى المغاربة لأخبرهم بأن الرقصة الموالية ستكون من المغرب لأفاجأ بتراجع اثنين منهم عن المشاركة لدواعي  واهية  فيما ألح زهير على المشاركة إلا أنني ارتأيت عدم تقديم المشاركة أصلا و تقديم زهير في رقصة شعبية  . فهمت حينها أن علي مراجعة الحسابات .

             ومن طرائف تلك الليلة أننا كنا خارجين من الفندق الذي أقيم فيه الحفل وكنا في نقاش حاد حول عدم المشاركة  وكنا مرتدين اللباس التقليدي فإذا بشاب ينحدر من مكناس  يتقدم إلينا و يسلم علينا و بدأ في سرد قصة مجيئه إلى بلاد العم سام  للدراسة و البحت العلمي  . كذلك لباسنا التقليدي غي أزقة فيلاديلفيا كان مثيرا للانتباه  وكان المارة يلقون التحية  كما التقينا ببعض المواطنين من جنسيات عربية .

الوجهة الاخيرة : الجنوب الامريكي

         كان ذلك يومنا الأخير  بمدينة فيلاديلفيا  ليحلق الجميع إلى وجهته الأخيرة التي سيشتغل بها  لمدة سنة دراسية . كانت وجهتي  الجنوب الأمريكي و بالتحديد  مدينة  باتون روج  عاصمة ولاية لويزيانا .  توجهت من مطار فيلاديلفيا الى مطار أطلانطا و منه إلى باتون روج.  وجدت رئيسة شعبة تدريس اللغات الاجنبة  بجامعة ساوتيرن  في استقبالي بالمطار  رحبت بي رفقة أستاذة أخرى  وبعدها توجهنا إلى الجامعة . كنت أتخيل أن أجد جامعة متواضعة بحكم أنني عينت في الجنوب  إلا أن العكس هو ما حصل  بحيث أن الجامعة  أسست سنة 1880  بمدينة نيو أورليانز ليتم تحويلها إلى باتون روج سنة 1914 .

عندما تحس أنك أستاذ فعلا

وصلنا إلى الإقامة الجامعية  حيث  وضعت الجامعة رهننا شارتنا  شقة من أربعة غرف و مطبخ  على أساس تناولنا الوجبات الغذائية بمطعم  الإقامة الجامعية . وجدت بالشقة كل مايلزم لأخذ قسط من الراحة بعد رحلة سفر دامت  ست ساعات . بدأت أفكر في كل هذا الاهتمام  الذي نتلقاه كأساتذة  بالولايات المتحدة  و إلحاحهم على توفير سبل الراحة لنا  حينها فقط أدركت قيمة أن تكون أستاذا في دولة تعرف وتقدر قيمة التربة و التعليم .

 الشقة 1114  مجهزة بمطبخ عصري و صالة للجلوس لاستقبال الضيوف وكل غرفة من الغرف الأربعة  خاصة بأحد المقيمين بالشقة  حيث تتوفر الغرفة على تلفاز من الحجم الكبير و هاتف يمكن من الاتصال مجانا بالإدارة و أقسام الخدمات وطلب المعلومات كما أنها مجهزة بمكيف للهواء .

كنا أنداك في نهاية الأسبوع  وكانت الإقامة الجامعية  فارغة إلا من بعض الطلبة الملتحقين باكرا و شرطة الجامعة  فارتأيت القيام بجولة  في هذه “المدينة” الجامعية .   انطلقت في  جولتي  لانبهر  من كثرة المدرجات  المختبرات  الإدارات  الملاعب الرياضية و مرافق الترفيه للطلبة . وبينما أنا أتجول  وصلت إلى الجهة الغربية من الجامعة لأفاجأ بوجود نهر كبير  يمر بجانب الإقامة الجامعية  استنتجت لاحقا أنه نهر  الميسيسيبي  الشهير . كما أثار  انتباهي أن أغلب من لاتقيتهم خلال  جولتي  أمريكيون من أصول أفريقية .

وصل يوم الاثنين فبدأ الطلبة بالتقاطر  على الإقامة الجامعية  رفقة أبائهم أو أصدقائهم حيث  أن الالتحاق بالجامعة في أمريكا يعتبر انجازا في حد ذاته بالنسبة للطالب .و الملاحظة الغريبة التي شدتني هو أن أغلب الطلبة ذكورا و إناثا  يملكون سيارات فارهة  ويبدو عليهم أنهم أغنياء لكنني اكتشفت لاحقا أن  أغلبهم غارق غي ديون عالية الفوائد و سأعود لهذا الموضوع لاحقا .

  كانت هذه الهمسة الثانية ………………………………….. انتظروني في الهمسة الثالثة الأسبوع القادم

  

بقلم :  ابراهيم الكبوس 

[email protected]

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق