الحبابي: الراضي كان يصطاد «الحلوف» رفقة الحسن الثاني

يتحدث أستاذ الاقتصاد عن علاقته بالجنرالين القادري والدليمي وبإدريس البصري، وكيف جمع بين علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد لتأسيس الكتلة الوطنية، ثم اتصل بالقصر الملكي لتشكيل حكومة الكتلة في 1971؛ ويتطرق الحبابي إلى علاقة الاتحاديين بالانقلاب على الحسن الثاني سنة 1972. ويميط اللثام عن أسرار غير معروفة في قضية المهدي بنبركة، وكيف خطط رفقة اليازغي لاختطاف «قتلة» المهدي، وكيف سجنه الحسن الثاني رفقة بوعبيد واليازغي بعد رفضهم الاستفتاء حول الصحراء سنة 1981.
– عرف عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول المنتهية ولايته، بكونه رجل القصر الملكي داخل الاتحاد الاشتراكي. كيف وقع عليه الاختيار؟
الراضي تعرفت عليه منذ بداية الاستقلال أثناء مشروع طريق الوحدة الذي أشرف عليه المهدي بنبركة، وكان عبد الواحد، وقتئذ، شابا متواضع الإمكانيات، يحمل شهادة في علم النفس من فرنسا، ويكتري شقة قرب حي المستشفيات بالرباط، وقد كان ضمن مجموعة لتكوين وتأطير الشباب العاملين في طريق الوحدة. بينما كنت أنا من كتب أرضية التكوين التي اخترت لها عنوان: «المواطن المناضل» وهي التي ترجمها المهدي بنبركة ووزعها على مجموعات الشباب المشاركين في مد طريق الوحدة. بعد ذلك توطدت علاقتي بالراضي أكثر خلال حملة مقاطعتنا لدستور 1962 ودخولنا إلى برلمان 1963، وأصبحت علاقة عائلية فكنت ألجأ إليه إذا احتجت مالا، كما كان يلجأ هو إلي، وأذكر أنه طلب مني مرة أن أقرضه مبلغ 5 ملايين سنتيم لشراء منزل، وهو المبلغ الذي لم أكن أتوفر عليه، لكنني فكرت في صديقي كريم العمراني (الوزير الأول في حكومات: 1971 و1983 و 1992) الذي كان يشتغل في عالم المال والأعمال بالدار البيضاء، وقد أعاد إلي الراضي المبلغ من خلال التعويضات التي كان يتلقاها من عمله في البرلمان. في يوليوز 1963 اعتقل أوفقير قيادة الحزب، وضمنها عبد الواحد الراضي، وقد استثنيت أنا من هذا الاعتقال لأنني كنت في شاطئ البحر، وحدث أن وجدت، عندما عدت إلى منزلي حوالي السادسة مساء، ورقة من توقيع عبد الرحيم بوعبيد يقول لي فيها: الحق بنا إلى الاجتماع بمقر الحزب بشارع لولوج، قرب شاطئ فرنسا، بالدار البيضاء، وبما أن الاجتماع كان في نفس الساعة التي عدت فيها إلى بيتي فلم أحضره. بعد مدة طرق عبد الرحيم منزلي ودخل متوترا بقميص مفتوح الصدر، وهو يقول: بوبي.. الأمور ليست على ما يرام. سوف أذهب إلى بيتي لجمع حقيبتي. لقد استشعر أن وضعيته لن تكون على ما يرام بعد اعتقال قيادات الحزب.
– لماذا كان هذا الاعتقال؟
اتهموا الحزب بالتآمر على الملك.
– وبالفعل كان المهدي والفقيه البصري وعبد الرحيم بوعبيد يفكرون في إسقاط نظام الحسن الثاني في سنة 1963؟
أذكر أنني كنت في نفس هذه السنة بمنزل عبد الرحيم بوعبيد في سلا حيث كان يجتمع مع المهدي بنبركة في غرفة علوية، فنزل المهدي وقال لي: «en va boycotter le regime» (سوف نقاطع النظام). بعدما خرج توجهت إلى عبد الرحيم قائلا: ما الذي يقوله المهدي فأجابني: التزم السرية، أنا من سيقود هذا العمل. بعد مدة قصيرة وقع اعتقال قيادة الحزب وقد استثني المهدي بنبركة الذي كان خارج المغرب. عندما ذهبت جونفييف، زوجة الراضي، إلى زيارته وجدته دامي الوجه من فرط التعذيب، فجاءتني تبكي، ومن هناك توطدت علاقتنا النضالية والعائلية.
– كيف أصبحت للراضي علاقة خاصة بالحسن الثاني؟
عبد الرحيم بوعبيد كلفه بذلك، وقد تطورت العلاقة إلى أن أصبح الحسن الثاني يتصل بالراضي ليبلغ عن أمور يبلغها الراضي إلى عبد الرحيم، كما أن هذا الأخير كان إذا أراد الاتصال بالحسن الثاني، دون وساطة من المستشارين والديوان الملكي، يرسل إليه عبد الواحد الراضي الذي كان صادقا في قيامه بهذا الدور، إذ لم يسبق أن أخفى عنا شيئا مما كان يدور بينه وبين الحسن الثاني، كما لم يسبق أن قبل أمرا طلبه منه القصر دون الرجوع إلى قيادة الحزب، لقد كان محط ثقتنا وثقة الملك. فعندما اقترح عليه الحسن الثاني سنة 1984 أن يكون أمينا عاما للاتحاد العربي الإفريقي، الذي كان يضم المغرب وليبيا، عرض الراضي الأمر على عبد الرحيم بوعبيد وقيادة الحزب التي سمحت له بترؤس هذه المنظمة.
– لاحقا أكسبه هذا الدور صداقة الملك الراحل؟
نعم، إلى درجة أن الحسن الثاني أصبح يصحبه في رحلات الصيد، وقد كان الراضي يخبرنا بذلك. كما أنه في العديد من المرات التي كان يوافق فيها الحسن الثاني إلى الصيد كان يأتيني بالحلوف البري الذي يصطاده رفقة الملك.
– قلت إن كريم العمراني هو الذي أقرضك مبلغ 5 ملايين سنتيم التي أعطيتها للراضي ليقتني شقة في الرباط في بداية عهده. أي علاقة كانت لكم كاتحاديين مع رجل من رجالات الحسن الثاني؟
كريم العمراني كان صديقي عندما كنت في فاس، فقد كان والدي يملك «هري» للقمح وبجواره محلات تجارية، منها محل كان كريم يبيع فيه أجهزة الراديو، اشتراه له خاله المرنيسي، لأن والده كان متوفى. هنا بدأت صداقتنا التي مازالت مستمرة إلى الآن، وهو الذي أقرضني المبلغ المالي الذي اشتريت به الأرض التي يوجد عليها منزلي الحالي.
– هل كان عبد الواحد الراضي يوازي، فعلا، بين طموحه السياسي وطموحه في تملك الأراضي؟
نعم، كان يحب الأرض بشكل كبير، ففي البداية كان يشتري الأراضي التي ورثتها أخواته عن أبيهم، ولاحقا أصبح كلما جمع قليلا من المال إلا واشترى أرضا بمنطقة الغرب، وقد ساعدته على ذلك زوجته جونفييف، بحيث كانا يعيشان حياة مضبوطة حد التقشف، مكنتهما من اقتناء العديد من الأراضي. وقد كنت أرافق الراضي إلى م
نطقة الغرب فيطلعني في كل مرة على بقعة جديدة. لا حقا راج أن الحسن الثاني أعطاه فيلا فقمت ببحث لكني لم أجد أنه سبق أن سجل أية فيلا في تلك المرحلة في المحافظة أو غيرها من الإدارات المعنية.

سليمان الريسوني نشر في المساء يوم 17 – 12 – 2012

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق