من اجل تعليم شعبي ديمقراطي و علمي  بقلم معاذ لشكر

معاد-لاشكر

إن قضية التعليم هي قضية إنسانية صرفة، و اهتمام الشعوب بهذه القضية معناه حرص الشعوب على التمتع بإنسانيتها, لأن الكيان البشري عندما يفقد حقه في التعليم، تنعدم فيه الإنسانية، لأن مدخل الإنسانية المعرفة، و السبيل إلى المعرفة لا يتم إلا بامتلاك الأدوات التي تمكن الإنسان من امتلاك المعرفة اللازمة لإنسانية الإنسان. و امتلاك الأدوات التعليمية لا يكون إلا بالتعليم. و التعليم يحتاج إلى معلمين، و مدارس، و وزارة و أجهزة إدارية، و برامج دراسية، و ميزانية ضخمة و خطة واضحة اقتصادية و اجتماعية و ثقافية و سياسية يكون التعليم في إطارها واضح المعالم و محدد الأهداف.

و بالنسبة للإنسان المستهدف بالتعليم، فإنه تفتق عن ممارسة مصادرة إنسانيته بحرمانه من مختلف الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، الأمر الذي يجعل كرامته مهدرة و حريته مصادرة، و يصير كما الحيوان، لا يستطيع فعل أي شيء يؤمن له مستقبله و مستقبل الأجيال الصاعدة. و لذلك فهو يصير مطروحا كقضية من خلال البرامج النقابية و الجمعوية و الحقوقية و الحزبية. و موضوعا للنضال من اجل تمتيعه بحقوقه المختلفة على جميع المستويات، و في جميع المجالات و في كل مناحي الحياة حتى تتحقق إنسانيته بحفظ كرامته بصيرورته ذا دخل اقتصادي متناسب مع متطلبات الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و متعلما، و متمتعا بالحق في الصحة و في السكن، و في العمل، و مستفيدا و مساهما في إنتاج ثقافة متميزة، و لا يشعر أبدا بالدونية سواء كان رجلا أو امرأة، و مهما كانت الطبقة التي ينتمي إليها. و مساهما في الحياة السياسية من بابها الواسع ناخبا و منتخبا، و مسؤولا جماعيا، و برلمانيا، و حكوميا في إطار ديمقراطية حقيقية من الشعب و إلى الشعب.

ربما يتحمل المعلم المسؤولية باعتباره الطرف المباشر في هذه المنظومة التعليمية، الا أن الوزارة الوصية تتحمل نصيباً كبيراً في تدني مستوى التعليم في بلادنا، لأن الوزارة هي المسؤولة عن الاشراف على توزيع المدرسين وعن سير العملية التعليمية وعن ارسال المعلمين إلى المدارس وعن توزيع الكتب وعن التوجيه الذي يمثل تقييماً للعملية التعليمية وعن تأهيل المعلم والاشراف على الانشطة المدرسية وعن توفير الاحتياجات المدرسية من وسائل تعليمية وادوات وغيرها من المهام، الا أن الملاحظ أن المدارس بلا ورشات، والانشطة المدرسية موسمية وبعضها مجمد وبعض المدارس لا تعرف عن النشاط شيئاً، والتوجيه المدرسي غائب كما أن المجتمع له اثر كبير في توجيه سلوك الافراد خيراً او شراً، فالدارس عندما يغادر البيت او المدرسة يحتك بالبيئة فيكتسب اخلاقاً حسنة او سيئة؛ والمجتمع مدرسة مفتوحة، فالتلميذ إذا لم يكن محصناً من البيت والمدرسة فسوف يتفاعل معها.

كما أن وسائل الاعلام تلعب دوراً بارزاً في تشكيل أذهان الناشئة والشباب بل حتى الكبار، فهل الاعلام في بلادنا يقيم الندوات التربوية والتعليمية الهادفة والتي تلامس قضايا التعليم وتكون زاداً لمدراء المدارس وللمعلمين والطلاب والاسرة؟ وتحضير الدروس واساليب الادارة الناجحة وكيفية توفير المناخ المناسب للطالب من قبل الأسرة والأخلاق التي يجب أن يلتزم بها طالب نحو الآخرين، وكيفية المذاكرة وكيفية التعامل داخل الفصل؟ ولماذا لا تستضيف أساتذة متخصصين من الجامعة من ميدان التدريس للتحدث عن القضايا التربوية؟ ولما لا يقوم الاعلام العماني بالنزول الى المدارس لتلمس الانشطة المختلفة وتسجيلها وبثها؟

ويتعين علينا أن نسارع إلى التعبئة من أجل إلحاق الهزيمة بالتطرف. ونحن في احتياج إلى العمل العالمي. ومن الواجب على كل الحكومات أن تأخذ على محمل الجد مسؤوليتها عن تعليم الشباب وتثقيفهم وتدريبهم على قبول واحترام الناس من أتباع الديانات والثقافات المختلفة.

ولا توجد قضية أكثر إلحاحا الآن، فهناك خطر حقيقي أن يحل الصراع الديني محل الصراعات الأيديولوجية التي شهدها القرن الماضي وبأشكال لا تقل تدميرا.

والأمر متروك لنا جميعا لكي نثبت للناس أننا لدينا فكرة أفضل من تلك التي يعرضها عليهم المتطرفون، أن يتعلموا من بعضهم البعض ويتعايشوا فيما بينهم، ولابد أن يشكل هذا جزءا أساسيا من تعليم الشباب.

 

بقلم معاذ لشكر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق