قطاع الصيد البحري : مشاكل و تحديات

حغيظ الفرياضي

يعتبر قطاع الصيد البحري من بين القطاعات الإقتصادية المهمة التي يعتمد عليها الإقتصاد الوطني لإنتاج الثروة و كذا من القطاعات الحيوية التي تشغل نسبة مهمة من اليد العاملة, حيت يشغل ما يقارب من 90.000 بحار يتوزعون على حوالي 2534 مركبا للصيد الساحلي التقليدي و 450 مركبا للصيد بأعالي البحار.

الأهمية الإقتصادية و الإجتماعية التي يلعبها قطاع الصيد لا يجعله في منأى عن التحديات الكبرى المرتبطة أساسا في معالجة الإشكالات الكبرى الآنية و المستقبلية, فمن خلال استقرائنا للوضعية التي بات يعيشها هده القطاع في الآونة الأخيرة, خصوصا في بعض الموانئ المغربية, يتضح بشكل جلي مدى التفاوت الواضح و الجلي بين صنفي هدا القطاع, الصنف الأول مرتبط بالصيد بأعالي البحار و الصنف التاني متعلق بالصيد الساحلي التقليدي.

هدا التفاوت يمكن استنتاجه من خلال بعض الإمتيازات التي يستفيد منها صنف دون الآخر, فالصنف الأول متلا ( صنف الصيد بأعالي البحار) يستفيد من امتيازات عديدة يتمتل أهمها في الغازوال المهني و الدي لا يتجاوز 3 دراهم للتر الواحد, على الرغم  من كونه لا يشغل نسبة مهمة من اليد العاملة بخلاف الصنف التاني, وكذا الأولوية التي يحضى بها عند تفريغ الأسماك داخل الموانئ المغربية على حساب الصنف التاني, إضافة إلى استفادته من عدم تحديد كميات الصيد (يمكن أن تصل الكميات المصطادة في هدا الصنف  إلى حوالي 1000 طن خلال مدة لا تتجاوز 3 أشهر)  وصولا إلى أتمنة البيع المحددة له داخل مختلف الموانئ  و المحددة في 3 دراهم و 50 سنتيم بالنسبة للبيع المباشر للمصنع و 1 درهم و 50 سنتيم بالنسبة للبيع لمصانع دقيق السمك.

أما النقطة التي تتعلق بالتصريح بالضمان الإجتماعي و التقاعد, فإن التصريح متلا بالنسبة لبحارة الصيد بأعالي البحار لدى صندوق الضمان الإجتماعي يتم إعتمادا على الأجر الشهري المسجل بعقد الإلتزام البحري, على الرغم من كون هدا الأخير يصطدم بواقع آخر يتجلى أساسا في عدم احترام مسطرة الإذن بالإبحار أي تأشيرة السلطة المعنية على عقد الالتزام البحري دون حضور البحار و استيعابه لمضمون العقد وفق ما ورد في الفصل 170 من قانون التجارة البحرية , دون الحديت بطبيعة الحال عن امتيازات أخرى متعلقة بالإمتيازات الضريبية المرتبطة بقطع الغيار وغير دلك.

أما الصنف التاني من قطاع الصيد البحري أي الصيد الساحلي التقليدي فيعاني من إشكالات عديدة و مركبة تبتدأ أولا بالنقطة المتعلقة  بواجبات الإشتراك  في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي, فقيمة هدا الإشتراك تتراوح بين 4.6 بالمائة و 6 بالمائة من مبلغ المداخيل الإجمالية الناتجة عن بيع السمك المصطادة على متن مراكب الصيد آخدين بعين الإعتبار المشاكل و التعقيدات المرتبطة بالتصريح الفعلي لهده الأجور لدي الصندوق لفائدة البحارة, حيت يسيطر جشع و طمع الباطرونا (أصحاب مراكب الصيد الساحلي) من خلال تفاديهم و تغاضيهم عن التصريح بحقوق البحارة لدى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي و التي تؤتر بشكل كبير عند وصول البحارة إلى سن التقاعد أو عند وقوع حادت شغل أو مرض.

يمكن التدكير كذلك بارتفاع التكاليف في هدا الصنف, خصوصا ما يتعلق منها بالغازوال المهني و الدي يصل إلى 6دراهم و 50 سنتيما, و لكم أن تقارنوها مع الصنف الآخر (الصيد بأعالي البحار), و هو الأمر الدي يتقل كاهل أرباب المراكب و كدا العاملين فيها, خصوصا خلال الفترات التي يكون فيها المنتوج السمكي ضئيلا و لمدة طويلة (بين نونبر و فبراير).

يعاني هدا الصنف كدلك من التحيد في كميات الصيد في أغلب الموانئ و التي لا تتجاوز 30 طنا لكل مركب, هدا التحديد يصطدم بصعوبة بيع المنتوج في بعض الموانئ ( أكادير و سيدي إيفني متلا), هده الصعوبة متعلقة بضعف الطلب من طرف المصانع ( عدد المصانع التي تشتري السمك محدود و أغلبها يتوفر على عقود لشراء السمك من مراكب الصيد بأعالي البحار و بالتالي تعطى لها الأولوية), في حين أن موانئ أخرى تعاني من أشكالات أخرى و خصوصا الموانئ الجنوبية (طانطان, طرفاية, العيون…) بالرغم من وجود مصانع دقيق السمك, هده الإشكالات  تتعلق بجشع أصحاب الشكارة و الدين يقومون بالضغط على المراكب و دلك من خلال بعض الممارسات اللاقانونية, حيت يتم شراء السمك من المراكب بطريقة مباشرة و دون المرور عبر الإليات القانونية (فمتلا عندما يعود مركب من رحلة الصيد و يأتي بحمولة تقدر ب 20 طنا فإن هؤلاء يأتون بشاحناتهم و يملؤونها تم يؤدون لصاحب المركب فقط تمن نصف الحمولة), أما أتمنة البيع فهي محددة في 1 درهم و 20 سنتيم بالنسبة لمصانع دقيق السمك و 2 دراهم و 40 سنتيم بالنسبة لباقي المصانع.

هناك مشاكل أخرى إنضافت في الآونة الأخيرة خصوصا ما يتعلق منها بفرض اقتطاع على المبيعات بأسواق السمك، لأداء رسوم الشهادة البيطرية لفائدة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ( 300 درهم للطن الواحد).

لكن الأمر المفاجئ و الذي زاد من تأزم أوضاع هدا القطاع هي بعض القرارات التي اصدرتها الوزارة المعنية و التي لاقت رفضا كبيرا من طرف المهنيين في جل الموانئ المغربية, و التي تتعلق بالمنع المؤقت لصيد الأسماك السطحية لمدة تصل إلى 45 يوما, هدا القرار فسرته بعض الأوساط المهنية بكونه جاء كرد فعل للوزارة الوصية بعد المشاكل التي عرفتها بعض الموانء المغربية و خصوصا الجنوبية منها, أي إصطياد كميات كبيرة من السمك تتجاوز الكميات المسموح بها و التي تؤدي في النهاية إلى إفراغها على رصيف الموانئ أو داخل البحر, في حين عزت مصادر أخرى أن هناك ارتفاع أعداد المراكب التي تصطاد كميات كبيرة من الأسماك دات الأحجام الصغيرة و الغير قانونية, في حين أن هناك بعض المهنيين من لديهم تفسير إخر لهدا القرار و الدي يأتي في عز فترة الصيد, هدا التفسير مرتبط بالتوجه الدي صار عليه أرباب مراكب الصيد الساحلي و الدين اتفقو على تخفيض أتمنة بيع السمك أقل من الأتمنة المشار إليها آنفا و دلك لسد الطريق على مراكب الصيد باعالي البحار و استمالة المصانع.

يتضح إدن أن وضعية قطاع الصيد البحري تحتاج إلى وقفة تأمل كبيرة و تسطير استراتيجيات لتنمية القطاع مع إشراك كل الفاعلين المهنيين, دون إغفال وجود بعض السياسات التي تروم تنمية القطاع و الرفع من تنافسيته كمخطط أليوتيس متلا.

 

بقلم الأستاذ حفيظ أفرياض (أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي, باحت في التنمية المحلية و التهيئة الحضرية و البيئة)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق