الخنزير حر في "الأخصاص" والناس أسرى في الأقفاص

فمن شجرة الأركان الدفء والعلف والسقف، وهي المتنزه والمرعى إذا ضن العام وجف، والصبغ للآكلين في الشتاء والصيف، والهدية للقريب والصديق والضيف، ودهن للعلاج وجمال للوجه والكف.

إن شجرة الأركان جذورها من عمق تاريخ ثقافتنا الأصيلة، وجزء من خصوصية هويتنا الحضارية، أغصانها تفاصيل حياتنا اليومية. نعرفها كما نعرف آباءنا و أمهاتنا، ونسميها كما نسمي أبناءنا.

إنها صورة شاعرية و جميلة وجد متألقة و رومانسية لتاريخ طويل من العطاء المتبادل والعيش المشترك،تاريخ لم يشفع ولم يكن كافيا في نظر الذين أصدروا حكما جائرا يقضي بطلاق بائن ظالم بين الإنسان و أرضه بدعوى المحافظة على غابة الأركان.حكم صدر مرجعه إبان فترة الحماية، وبعد عقود من الزمان بدأ تنفيذه أبناء الوطن.
طلاق أبقى طبعا حق السكان في الانتفاع والاحتضان،وأبقاهم بالمقابل في الإقامة الجبرية تحاصرهم علامات و سياجات لا تبعد في أغلب الأحيان عن مساكنهم إلا ببضع عشرات الامتارفي أحسن الحالات.وتحدد المجال الغابوي بزعمهم.

وهكذا أصبح الخنزير البري أوفر حظا وأوسع بيتا و أرضا. وتحولت شجرة الأركان من مورد عيش و عنصر استقرار إلى مصدر شؤم ومبرر لسلب الممتلكات، أسر وهجر.

إنه زمان الشعارات الفارغة والسياسات الفاشلة التي تدوس كرامة الإنسان وتحطم ما تبقى من مقومات صموده تحت يافطات التنمية البشرية والتنمية المستدامة وتنمية العالم القروي وغيرها.

إنه وضع خاص لساكنة يستغرب صبرها تقبع بين سندان ظروف طبيعية قاهرة أصلا وسندان المشاريع الفاسدة مضمونا و شكلا.

وذلك كله في ظل تخاذل السلطات المنتخبة السابقة بل و تواطؤها و عدم اكثرات اللاحقة.

فإلى متى هذا الصمت والصبر؟ وإلى متى هذا الإجحاف والنسيان؟ وأي معنى لمفهوم المواطنة على هذه الأرض؟ قد تكون بعض المرافعات عن حق الإنسان في أرضه وارث أجداده و على بطلان مسطرة نزع الملكية والتحديد الغابوي، والتي لم تخرج عن إطار المكر والخداع والاستغفال والاحتيال.

قد تكون هده المرافعات فشلت في إنصاف المواطنين بإصدار أحكام بالهدم والإخلاء هنا وهناك،كما هو الحال في قبيلتي ادغزال واد السايح وغيرها كثير.ولكن لن يستقر الوضع على هدا الحال بالتحديد،ولن ينتهي المطاف هنا بالتأكيد.

إنها فقاعات لواقع اجتماعي يغلي في صمت ويأس بعدما طرق كل الأبواب محلياواقليميا بل ووطنيا بمراسلات وشكايات فردية وجماعية وصلت إلى ديوان المظالم .وكل من اطلع على ملف القضية إلا ويقر بحصول الضرر وتفهمه للموضوع ولكن متبرءا من الحول والقوة إلا للقضاء والملك.

فأين المسؤولون و المنتخبون و الجمعويون؟وأين المحامون و رجالات الأخصاص و القوى الحية الفاعلة بهذه المنطقة؟ إنها صرخة أرجو ألا تكون في واد وأن أثير بها ضمائر الغيورين وكل من ألقى السمع وهو شهيد.

ظننا أن عهد الحماية قد ولى وأن زمان الاحتلال والاحتقار والاستغلال انتهى بنيل الاستقلال، ولاكننا للأسف نفاجأ بعودة سياسات بنفس المدلول وتحت نفس الشعار”حماية الملك الغابوي”. فهل يحررنا الاستثناء المغربي من أقفاص المندوب السامي؟

بقلم حسن أملو بيروك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق