رأي : دعوى الإصلاح وفخ الحكومة

حسن أملو بيروك

          إن الفعل السياسي في السياق المغربي في أغلب تفاصيله وأهم قراراته الإستراتيجية وتوجهاته العامة لا يزال مبنيا للمجهول في ظل صلاحيات متداخلة ومتصادمة وتغول مؤسسات الدولة العميقة، ليبقى الفاعل الحقيقي والأساس ضميرا مستترا تقديره بالإضافة إلى الجهات المعلومة الكثير من العفاريت والتماسيح والأشباح أو ما يصطلح عليه بالدولة الموازية ، وأما الحكومة فنائب عن الفاعل بل قل مفعول به منصوب أو بالأحرى منصبا لتحمل أوزار وفشل السياسات العمومية نيابة عن الفاعل الأصلي وأداء فاتورة التدخلات السياسية المؤلمة من رصيدها النضالي و الشعبي ليضحى بها بعد حين في مرمى الراجمين والساخطين على حصيلة تدبير كل مرحلة، وذلك للتكفير عن خطيئات النظام بعد كل نكسة وإنعطاف ،و بهذا المعنى يظل التدبير الحكومي فخا شديد التحصين للقوى الفاعلة والحية في المجتمع الحاملة لمشاريع طموحة ولأسقف نضالية عالية على الأقل على مستوى الخطاب والشعارات ،حيث يتم إستدراجها لمنزلق تدبير الشأن العام البراق والمغري لتفاجأ بضخ حسابها في حساب النظام وإستثمار مصداقيتها ومشروعيتها إن وجدت في إقناع الطبقات الشعبية الكادحة والمغلوبة بالتبرع بدمائها المفقرة والفائرة لإسعاف جسد الحكم المتهالك عند كل إحتضار لتجد نفسها في لعبة خداع كبرى وفي ورطة محكمة ،الخارج منها بين صريع ندر بعثه أوجريح شل سعيه نعم يتحكم في ذلك قابلية المشارك للخضوع أومناعته ودهائه وقدرته على المناورة إنما كل ذلك داخل الرقعة المرسومة بدقة والمحروسة بعناية وسم ذلك إن شئت الإصلاح في ظل الإستقرار.

إن الحديث عن إنتقال ديموقراطي صحيح وتدبير حكومي مسؤول يحتاج إلى إصلاح سياسي حقيقي وجرئ قوامه إصلاح دستوري كامل يعلي من شأن إرادة وصوت المواطن ويجعله مصدر الشرعية الوحيدة لكل متدخل ومدبر دون إستثناء لشخص أو جهة ،يخضع كل متصرف في أمور الحكم لآلية كشف الحساب بغير إمتياز ولا إعفاء لأحد برعاية مؤسسات إدارية محايدة وتحت إشراف سلطات مستقلة وبصلاحية كافية ومتوازنة وإصلاح حزبي وإنتخابي يمكن من إفراز أقطاب سياسية فعلية ذات مشاريع إجتماعية وتنموية قابلة للتمايز والتنزيل ، مما يقتضي إعادة تأهيل شامل وعميق للمشهد الحزبي المغربي ومراجعة جادة وجدرية لقوانين الإنتخاب ، وإذا كانت المؤسسة الملكية بخطواتها الأخيرة الرصينة أكثر تقدما من الفاعل السياسي الحزبي حاليا بقرارات تبدو ثورية قياسا على التاريخ الطويل والجغرافيا المحيطة وبخطابات من الجيل الثاني تخلصت من النمطية المعهودة وعلوية الخطاب وأصبحت بنفس نضالي منتفض لافث معافسة وملامسة لهموم الشعب وأكثر ولاأ له من ولائها لهواجس الحكم مما جدد حميمية الإرتباط العضوي والتاريخي بين القمة والقاعدة وبت روحا جديدة وقوية في الحبل المثين الجامع لعقد الأمة ، وإذا كان هذا شرطا لازما لإنطلاق مسلسل الإصلاح وجوا عاما يتبناه فإن الخشية من تنامي نزعة الردة والكفر بالعمل الحزبي والسياسي وبالعملية كلها جملة وتفصيلا ،وتصدر التيارات العدمية والمتبنية للمعادلة الصفرية والقائلة بعدم جدوى الإصلاح وضرورة تفكيك البنية وإعادة صياغتها وفق تصور ثوري راديكالي ،وذلك بسبب ضعف الكثير من هذه الهيئات الحزبية أو إضعافها في سياسة واضحة تقصد إبقا ءها عنصرا مؤثتا في وضعية لا تموت فيها ولاتحيى يشارك فيها للأسف نخبة من الأوفياء والممثلين في مشاهد تراجيدية مستمرة كلما خرجت زمرة لعنت أختها ليبقى الشعب قابعا في أوحال واقعه المتراكمة ومتفرجا من دركه السحيق ، ولكن مستمتعا بأضواء الخشبة الكاشفة والمكشوفة وبألوان طيفها المتناوبة وكذلك بظلمة وهدوء النفق.

فاللذة كما يقول كانط في الترقب والإنتظار وربما زادت لذتنا وتحقق تنويمنا كلما عزف المهرة سنفونية الإستثناء المغربي الشجية على المنابر الوطنية والدولية.

الحسن أملواوبيروك

 

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. المتامر لايلام على دسائسه ومكره ودهائه اللوم كله على (الحادق الفهم )الدي لم يفطن للدسائس ولم يدرك ان السم في الدسم.علقنا امالنا على هدا التوجه ايمانا منا بان الكرسي لن يزحزح القناعات ;لكننا تحسرنا وتالمنا وندبنا حظنا لما اتضح لنا ان هده القناعات سرعان ما تلاشت وهي وحدها العقد الدي بيننا وبينه والعقد شريعة المتعاقدين لدا فنحن الان تلقائيا في حل من هدا العقد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق