السرقة العلمية بالجامعة المغربية بين تيار الفضح وتيار الحماية

photo (1)

السرقة العلمية بالجامعة المغربية بين تيار الفضح وتيار الحماية بقلم الدكتورعبدالله توفيقي                                               

السرقة العلمية حديثا بين  مصر والمغرب :          

        نشرت جريدة “أخبار الأدب ” المصرية عدد 1102 الصادر بدءا من 07 سبتمبر 2014 مقالا بقلم منى نور بعنوان “بإجراءات باطلة .. وتهاون لجنة الترقيات .. ترقية أكاديمية بسرقة علمية ”  وفيه تعرض تفاصيل سرقة علمية بناءا على التقرير الذي تقدم به الدكتور ناصر الموافي عضو مجلس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة ومسؤول لجنة الأخلاقيات في مذكرته أن الدكتور طارق النعمان تقدم للترقية إلى درجة أستاذ مساعد بأربعة أبحاث منها بحثان منقولان ، وقد حصل الباحث على درجات غير مسبوقة في النشاط( 29/30 )، ويطالب الدكتور ناصر الموافي اللجنة العلمية بتقديم تفسير مقبول لأبحاث منقولة حرفيا على تقديرات عالية ، وتقديم تفسير لعدم اكتشاف الأساتذة المحكمين للنقل الحرفي رغم وضوحه .

        ومطلع شهر نونبر الماضي  نشرت مجموعة من المواقع الالكترونية وتداولت مجموعة من صفحات شبكات التواصل الاجتماعي خبر تعرض الباحث الأكاديمي المغربي الأستاذ فاضل ناصري الطالب الباحث بوحدة  الماستر” مستقبل الأديان والمذاهب الدينية في حوض البحر الأبيض المتوسط  ” سابقا بكلية الآداب بنمسيك جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء لعملية سطو تخص أحد  عروضه غير المنشورة معنون ب ” الزواج باللواتي من الأغيار في اليهودية ” من قبل  مصطفى زرهار أستاذ حاليا بدار الحديث الحسنية بالرباط الذي سطا عليه وضمنه  حرفيا كتابه الموسوم ب : “مقاربات في دراسة النص التوراتي – سفر راعوت نموذجا -” صادر ضمن منشورات دار صفحات للنشر بسورية ودار الأنوار بالدار البيضاء بالمغرب في طبعته الأولى 2012  صص : 338 – 345   في خرق سافر لأخلاقيات البحث العلمي بما تتطلبه من أمانة علمية ، ونزاهة وموضوعية وتجرد .

     بناء على المعطيات الواردة في كلا الخبرين يتضح لنا أنه في الوقت الذي بقي فيه السراق من المصريون يتكلفون عناء الترجمة الحرفية من مصادر ومراجع أجنبية ونسبتها لأنفسهم بما يمكن اعتباره أشكال تقليدية في السرقة تتجه في اغلبها إلى الترجمة أو النقل مما نشر وحفظت حقوقه لأفراد معينين . يبدو أن نظراءهم من المغاربة قد طوروا من أدائهم في السرقة العلمية وتوجهوا إلى ما لم ينشر بعد : (عروض – مداخلات – بحوث جامعية …) مستغلين غياب ثقافة التحفيظ  لدى الباحثين المبتدئين لأعمالهم أو مستغلين أوضاعهم الاجتماعية وطموحاتهم ، فيمنون عليهم بما هو حق لهم ليبتزوهم في منجزاتهم وجهودهم العلمية ، مستحضرين محدودية أفقهم الذي من اجله أنجزوا ذلك البحث ولغياب تشجيع لنشر بحوث والأطاريح الجامعية.. 

       لقد سبقت الأستاذ فضيل ناصري في الآونة الأخيرة حالات أخرى في التضرر من السرقة  منها  حالة الباحثين المقتدرين الأستاذ إبراهيم أمغار والدكتور محمد مساعدي ، وبرغم معرفتنا الشخصية  بالسرقة والمسروق منهم ودرجات تفاوتهم في كفاءة وتمكن كل منهم من مهارات البحث وتخصصه

فإنني أتأسف لاكتفاء الباحثين المتضررين بالإدانة عبر الانترنيت وانتزاع الاعتراف بالسرقة من هيئة التحرير ، دون المضي قدما في اتخاذ الإجراءات القانونية كما وعدتهم بذلك هيئة تحرير مجلة “عالم الفكر” وأبانت عن إرادة وعزم على تنفيذها، واقلها استرجاع مبلغ التعويض المالي من السارق وإعادة نشر المقال باسم كاتبه الحقيقي مع ضرورة استهلاله بتنبيه هام لهيئة التحرير ومسوغات إعادة نشر المقال .

       لقد أسست الجامعة لتقاليد في التأليف الجماعي تتوزع ما بين إعداد وإشراف وتنسيق مع ما يوازيها من تقنيات متعددة ومختلفة تحفظ للمشاركين في عمل واحد حقوقهم أساتذة كانوا أم طلبة ، غير أن سعي البعض للقفز على كل هذا الرصيد التاريخي من التجارب والممارسة الميدانية في الوسط الجامعي وخارجه والنزوع إلى تكريس واقع مخالف لذلك ، يدعونا  إلى الشفقة عليهم وعلى من مكنهم من مواقعهم دون أن يمتلكوا من التجربة ما يشفع لهم عند الزلل، ومن الحيلة ما يحفظ  لهم ماء وجههم آن الفضيحة .

وسطو المحارم أشد مضاضة : باب سد الذرائع

     ولعل أخطر أنواع السطو والسرقة ” سطو المحارم ”  في حرم جامعي يجمع طلبة وأساتذة تربطهم أخلاقيات وتعاقدات وفرق عمل ” وحدات” .. وهي ظاهرة تمارس بالجامعة المغربية بأشكال متعددة غير أنها لم تسم يوما باسم ولم تنعت علنا بصفة ، وبدل أن يتخذ الموضوع أشكال الإدانة بدأ الأمر يدخل دائرة المسكوت عنه ، وينحو نحو الصمت على ممارسيها والتطبيع معها واعتبارها شكلا من أشكال الترقي الجامعي يمارسها بعض الأساتذة في حق طلبتهم،و ولقد واجه الأستاذ فضيل ناصري مؤاخذات من مجموعة من أصدقائه ومنهم أساتذة جامعيون بعضهم مبتدئ وبعضهم قديم وجزء كبير من تغريدات السيد بوهندي في الفايسبوك بصدد موضوع هذه السرقة ينحو هذا الاتجاه  ولسان مقالهم:” هذا أستاذك اتركه يسرقك، لم تدينه ، لا تنس فضله عليك…  ” وهو تطبيع لا نستغربه في مجتمع مغربي طبع إلى عهد قريب مع ظواهر اجتماعية خطيرة ومنها زنا المحارم حيث كان ولا يزال الأب يغتصب ابنته ولما تصرح البنت لامها أو لأحد من أقاربها بذلك يواجهونها ب ” إنه أبوك.. ”  

 حينما ينتصب في جبهة فضح السراق ومقاومتهم نخبة من أبناء البلد أشداء على السراق رحماء بينهم فانا لا أخشى على وضعية البحث العلمي مادام في المجتمع المغربي  أناس لا  يأخذهم في السراق إل ولا ذمة .فمعركة الأستاذ فضيل ناصري وبالشكل الذي حبكت به خيوطها بإتقان ستكون فاصلة بين عهدين في تاريخ الجامعة المغربية : عهد فضل فيه المتعرضون للسطو من ذوي المحارم الجامعية الصمت على ما تعرضوا له ، عهد ينتصب فيه حماة السرقة بوجه احمر منافحين عن الباطل بل ومهددين ، وعهد ثان سيضرب فيه السرقة ألف حساب قبل أن يقدموا على أي فعل من هذا القبيل .

أكثر بوهندي لغطا : 

            ما يلفت الانتباه في ما نشر على هامش نشر خبر هذه السرقة العلمية  هو ردود فعل السيد مصطفى بوهندي كما كتبها على صفحته بالفايسبوك أو على هامش  التعليقات على الخبرب” تيزبريس” ،  مما يبعث على التساؤل :  لماذا ينصب السيد مصطفى بوهندي نفسه منافحا وحيدا  بالوكالة عن السارق الذي بلع لسانه ولاذ بالصمت ولم ينبس ببنت شفة ، وهو الذي كان يطل على المغاربة في برنامج تلفزيوني في قناة وزارة الأوقاف السادسة ؟

   الجواب واضح لا غبار عليه فزوجة السيد بوهندي تحضر دكتوراه بإشراف السيد مصطفى زرهار ، ونظرا لكون السيد بوهندي قد وقع وأشر بخاتم الوحدة على عرض فضيل ناصري بما لا يدع مجالا للشك أنه ملك له ولا ينازعه فيه احد ، فإن السيد بوهندي يجد نفسه اليوم في ورطة وقد اهتزت الأرض من تحت أرجلهما : كيف يبرر للزرهار أنه قد لعب عليه من الخلف، ولو بأن يبرئ نفسه بأوهن الذرائع التي لا يقبلها مختل عقليا وأحرى عاقل :”وكان حتى لو وجد الطالب تشابها بين ما ورد في صفحاته الثمانية وبين ما جاء في صفحات كتاب أستاذه ، وبالتأكيد سيكون موجودا ، لان الممارسة في العملين قائمة على تفسير نفس النصوص ، أن يرجع الأمر إلى التوافق والتأكيد لنفس الأحكام ، بنفس المنهج الواحد والنصوص المفسرة الواحدة  ” (1)، والتي لا تصمد أمام حجية التوقيع والتأشير بخاتم الوحدة ليس في واجهة العرض فقط ،  بل في صفحاته الداخلية أيضا زيادة في الإثبات والتوثيق .ودرءا لكل محاولة للتضليل أو التنكر من جهة ، وأمام النقل الحرفي للسيد زرهار من غير تصرف ، إلا في اتجاه الخطأ . (2)

       أما قضية مشاركة السيد بوهندي في مناقشة أطروحة للسيد زرهار التي تبلغ 400 صفحة ، فقضية ما تزال قيد نظر وتقص رغبة في الإجابة على أسئلة ذات صلة بالموضوع من أهمها :

    – هل الأطروحة هي نفسها هذا الكتاب الذي نشره زرهار سنة2012  والمتضمن لهذا المبحث المسروق حرفيا ؟

 – إذا كانت الأطروحة هي شئ آخر غير هذا الكتاب جودة وحجما، فلم يتركها زرهار وينشر كتابا يضمنه عرضا مسروقا حرفيا ؟

      أما إذا ثبت أن العرض المسروق متضمن في الأطروحة الأصل ، والسيد بوهندي واحد من أعضاء لجنة الفحص والمناقشة ، ولا يعلم من حيث يعلم أن فيها عرضا مسروقا رغم أنه قد تسلمه من صاحبه منذ 2005 فنحن نلتمس له ألفي عذر ، ولكن إذا حصل فيما بعد أن صاحب العرض ينازع مؤلف الكتاب تأليفه ، ويخرج السيد بوهندي ليرمي بحجية الأطروحة لا الكتاب، فالأمر يفيد أن السيد بوهندي يعلم أن زرهار قد سرق ، وضمن العرض في الأطروحة بدفاع منه ، ومن حقه أن يضمنه أيضا حتى في الكتاب ، ولم لا ؟ .

       والعبرة بتحقق فعل السرقة لا بكم المسروق ، فالسارق سارق ولو سرق ثمرة ، والتذرع بثمان صفحات في مقابل أربعمائة حجاج خاطئ المنطق ، مختل القياس ، صاحبه أجدر بالشفقة من السارق ، في مواجهة متشبث بحقه ، لسان حاله ، قوله عز من قائل : ” إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة، فقال أكفليها وعزني في الخطاب .”

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (*)  باحث أكاديمي مغربي 

– عضو هيئة مساندة ومؤازرة الباحث فضيل ناصري : ( أساتذة باحثين – كتاب – حقوقيين – صحفيين – نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي )

 

 (1)   مقتطف من نص تعليق مصطفى بوهندي على مقال عمار السيك بموقع تيزبريس الالكتروني يوم 15 نونبر 2014 على الساعة 1:13 صباحا .

 

 (2)   يرجع لتقرير الأستاذ فضيل ناصري المنشور في مجموعة من المواقع الالكترونية ، وأساسا لملاحظاته على مواطن التصرف وكيفيته في الصيغة المسروقة كما ضمنت في الكتاب

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. السرقة العلمية بالمغرب متعددة ومتنوعة ، فهي لا تقتصر على البحوث للترقية ، وإنما متواجدة في المؤلفات المنشورة ، والأدلة على ذلك عديدة وبالإتباتات التي لا غبار عليها ؛ تبقى سرقة عشرين صفحة من مؤلفي التخلف الدراسي الصادر سنة 1991 بمؤلف الفشل الدراسي ، نقلا حرفيا دون أدنى إشارة للمرجع ؛ وهذا فيض من غيض ؛ لكنني استحييت متابعة السارق لأنه لم يستحي ؛ أما سرقته لمطبوع بيداغوجي كندي يتواجد بكل المراكز الجهوية بالمملكة المغربية المعنون بl’ana,use de l’enseignement ؛ فهي خيانة علمية بما للفظ من معنى .
    لم نود ولم نرغب في فضح العديد من السرقات العلمية بالمغرب من طرف مشاهير انتهازيين مفتقدين للضمير العلمي ؛ لكن ما يمكن قوله هو : الله يهديهم ؛ لأننا نستحي فضح أمثال هؤلاء الذين لا يحترمون حتى أنفسهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق