يوميات مستشار في الأرياف…″ نائبات″ الدهر!

 

ازرور

حل الشتاء وسالت الأنهار والأودية فكانت الكارثة…الفيضانات…ضربت كل شئ…دمرت كل شيء…أبت المياه إلا أن تؤكد لمن نسي أو تناسى أن وضيفتها الأزلية هي الطهارة من النجاسة…عرت كل شيء…فضحت كل شيء…نظفت المكان والإنسان…سقط القناع وظهرت الحقيقة عارية من كل أشكال التستر والخداع باسم المصلحة العليا للبلاد…أو مسميات أخرى تنهل من قاموس الأخلاق المزيفة.
اختبأ بعض المسؤولين كالأطفال مرتعدين وراء مكاتبهم الفخمة كما العادة في انتظار المخلص…جلالة الملك !
انقطعت المواصلات ومعها الاتصالات… باستثناء…الهاتف الخلوي للنائب الذي ومن فرط اهتمامه بالشأن التربوي لم يجد إلا هذه الأيام العصيبة والخطيرة للاستفسار عن واقع الممارسة في الميدان. وكيف ستكون مع الفيضانات ؟
ولكي يتبث إخلاصه اللامحدود لهذا الربع من الوطن طالب بلوائح الغياب…الغياب في الكوارث الطبيعية…وكان أرواح رجال التعليم لا تساوي شيئا في نظره أمام قداسة الحضور إلى القسم رغم العواصف أو الزلازل…هكذا يكون الرجال وإلا فلا!…المهم انه أدى واجبه المهني وابعد المسؤولية عنه لأنه بالأوراق فقط يتحدد العمل الحقيقي وليس بشيء آخر، فالإدارة لا ترحم كما يقال والحساب عسير.
ولإضفاء جرعة من الإنسانية والظهور بمظهر الفارس النبيل، لا باس بإرسال التعازي الخالصة لأسر الضحايا″ نيابة عن النيابة ″عبر الانترنت او الجرائد الورقية.
لحسن الحظ جاءت دورية وزارة الداخلية بتعليمات ملكية بإعلان المنطقة منكوبة وبالتزام الحذر وعدم المجازفة بالأرواح…فتوقف الاستفسار وتوقفت معه حيرة جميع الأطر الإدارية والتربوية من هذا السلوك الأرعن الذي لم يعرفه المغاربة مع الاستعمار، فكيف بالاستقلال؟ وأين؟ معقل المقاومة! وضد من يربون أحفاد المقاومين الشرفاء الذين حرروا هذا الربع من الوطن…ليتربع صاحبنا على كرسي النيابة…ويختبئ من المطر!
عجيب امر هذه المقاومة التي نفتخر بها!…خطط لها الدهاة…نفذها الشجعان…ثم…ركب على ظهرها الجبناء !
امتطى أجدادنا صهوة جيادهم ليطردوا الاستعمار…ويختبئ الآن بعض مسؤولينا وراء الجدران خوفا من المطر!
فشكرا أيتها الأمطار لأنك أسقطت ورقة التوت عن هذه الرخويات البشرية!
وشكرا صاحب الجلالة لأنك ارحم بنا من مسؤولينا الذين ألهبوا ظهورنا بسياط عقدهم النفسية التي يوارونها تحت المساطر الإدارية والقانونية.

ملاحظة خطيرة جدا!
الم يحن بعد أوان إخضاع المسؤولين الإداريين في هذا الوطن إلى روائز القياس النفسي قبل توليهم إدارة الشأن العام لأننا تعبنا من حماقاتهم واضطراباتهم السلوكية التي تستنزف الجهد والوقت والمال؟

محمد ازرور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق