الدريج في لقاء تربوي بتيزنيت يقف على تناقضات الإصلاح البيداغوجي بالمغرب

الدريج

نظمت جمعية الأستاذ بتيزنيت بتنسيق مع النيابـة الإقليميـة لوزارة التربية الوطنية  والتكوين المهنـي بتيزنيت و بدعم من المجلس الإقليمي و المجلس البلدي لمدينة تيزنيت  لقائين كبيرين في يومين متتاليين  أطرهما هرم من أهرام الفكر و البحث التربويين ببلادنا ˛ الأستاذ الباحث الدكتور محمد الدريج ˛ بالمركز الإقليمي للتكوينات والملتقيات التابع لنيابة تيزنيت ˛  و يأتي هذا في إطار أنشطة جمعية الأستاذ المسطرة في برنامجها السنوي ˛ والرامية لتقديم إضافة نوعية لتأهيل  وتكوين الفاعلين التربويين ˛ وخلق نقاش موسع بخصوص مجموعة من القضايا المؤثرة في فاعلية الأداء التربوي للأساتذة و الاستاذات،

اللقاء الاول : مساء يوم السبت 21 مارس 2015 ˛ و الذي استمر زهاء اربع ساعات و نصف ˛ قدم من خلالها الدكتور محمد الدريج محاضرة للعموم  في موضوع :  دور المدرس في إطار الاصلاح البيداغوجي المأمول لمنظومة التربية و التكوين ” ، وقد قام الدكتور في البداية بالوقوف عند بعض التناقضات التي تعيق أي إصلاح بيداغوجي مأمول من قبيل : عدم وضوح الأسس الفلسفية لبناء المناهج ˛ وغياب إجماع وطني حولها ˛ وكذا الاعتماد على الخبرات الأجنبية مقابل تهميش الخبرات الوطنية في وضع المناهج ˛ و الالتباس الحاصل في مسألة المركز و المحيط في تدبير القضايا التربوية ˛ و الاشكاليات اللغوية المطروحة أمام أي إصلاح ˛ بالإضافة إلى البون الشاسع بين التعليمين العمومي و النخبوي دون إغفال وضعية المدرس بين الواقع و المأمول و الكفايات الواجب أن يتوفر عليها ˛ مما يفرض أولا تحديد مهنة التدريس وتحسين ظروف العمل وجعل المدرس منخرطا في الحياة المدرسية ومؤهلا بشكل أساسي و مستمر.

ثم عرج الدكتور محمد الدريج على طرح مجموعة من الاشكاليات التي يطرحها المنهاج و النموذج المغربيان ˛ حيث لاحظ عدم تأسيسه على آلية للتتبع العلمي و المتابعة بالتقويم و الافتحاص ˛ وعدم العناية بتجريب المناهج و النماذج رغم اللجوء لبعض التجارب الجزئية المتسرعة التي لا تقوم نتائجها ˛ ولا توظف نتائجها في إدخال التعديلات الضرورية على المناهج و مشاريع الإصلاح عموما ˛ كما لاحظ التخبط في المقاربات البيداغوجية المعتمدة في التدريس  و الاعتماد على الكثير من النماذج و الطرق بشكل عشوائي ومضطرب و استيراد بعضها و إنزالها في سياق غير سياقها.

ثم حاول الدكتور وبشكل مختصر إبراز التطور الكرونولوجي للأحقاب المنظورية للنماذج التربوية في المغرب مبرزا خصائص كل حقبة  منذ مرحلة ما قبل ظهور و انتشار النماذج “الباراديكمات” إلى مرحلة منظور التدريس الهادف ˛ مرورا بمرحلة “المدرس الناجح” ومرحلة “تحليل التدريس”. بعدها انتقل إلى تحليل أسس بناء المنهاج المندمج و مكوناته، و الذي يفرض تبني مدخل الملكات في التدريس و هو اجتهاد لتطبيق منظور “تجديد التراث”  في المجال التربوي التعليمي ˛ وإعادة صياغة مفهوم الإدماج كنموذج للمواكبة التربوية دون إهمال مأسسة المؤسسات التعليمية المغربية و اعتماد الشراكات التربوية ومشروع المؤسسة ˛ مؤكدا في الأخير على ضرورة تأسيس نظامنا التربوي لنماذج أصيلة في التربية و التعليم  ˛ تنطلق من واقعنا وخصوصيتنا ˛ تتطور وتتجدد وتستجيب لخصوصيتنا و تلبي حاجياتنا الحقيقية.

بعدها فتح باب المناقشة أمام المتدخلين، الذين تجاوبوا مع العرض، مستفسرين على مجموعة من النقط التي احتواها العرض أو أغفلها، وفي رد للدكتور  الدريج ثمن عاليا الحضور المكثف لرجال التربية و التكوين وصبرهم ˛ مما يبرز مدى استعدادهم للانخراط في أي إصلاح حقيقي ومعقول.

اليوم الثاني : الاحد 22 مارس 2015 قام الدكتور محمد الدريج بتأطير ورشات للتخطيط الاستراتيجي “مشروع المؤسسة نموذجا”˛  وقد تم افتتاحها بعرض نظري من طرف الدكتور محمد الدريج عرف من خلاله بمشروع المؤسسة باعتباره : خطة استراتيجية متوسطة المدى تتألف من أعمال قصدية ذات طبيعة تنظيمية وتربوية، يشارك في إعدادها وإنجازها وتقويمها مجموعة من الفاعلين المنتمين إلى المؤسسة التعليمية ˛ وفاعلين لهم اهتمام بالتربية ˛ تربطهم علاقة شراكة ˛ ويتوخى بالأساس الرفع من إنتاجية المؤسسة ˛ وتحسين شروط العمل داخلها ˛ والرفع من مردوديتها التربوية والتعليمية ˛ ودمجها في محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ˛ مركزا على تقنية EPAR  و التي تلخص مراحل بناء المشروع :

  • E : تشخيص الوضعية: تشخيص واقع وحالة المؤسسة .
  • P : تحديد الاولويات: تحديد الاولويات اعتمادا على خصوصيات المؤسسة.
  • A : الأفعال و الإجراءات : لمعالجة التعثرات داخل القسم.
  • R : التصويب:لتتبع مشروع المؤسسة والعمل على تعديله.

وهذه التقنية “EPAR”هي التي طالب الدكتور المشاركين في الورشات باعتمادها بغرض اقتراح مشاريع افتراضية للمؤسسة، وقد تم  تقسيم الحاضرين إلى ثلاث ورشات :

  • الورشة الأولى كانت من تأطير الأستاذ أحمد بلالت:مفتش التوجيه التربوي و من أعضاء فريق مواكبة مشروع المؤسسة بنيابة إقليم تيزنيت.
  • الورشة الثانية كانت من تأطير  الأستاذ عيسى أهنـي: مفتش تربوي. و عضو الفريق الإقليمي لمشروع المؤسسة بنيابة إقليم كلميم.
  • الورشة الثالتة كانت من تأطير الأستاذ عمر ضويو: مدير مؤسسة تعليمية و مؤطر لعدة دورات تكوينية حول مشروع المؤسسة لفائدة مديري و مؤسسات تعليمية بنيابة اشتوكة ايت باها.

 

وبعد انتهاء الورشات من عملها، والذي اتسم بالجدية والنقاش المثمر، تم تقديم منتوجها في جلسة عامة، وقد تلى تقديم  كل ورشة لمنتوجها مناقشة مدى ملاءمتها للمنهجية المقترحة.

ليتم في الأخير اختتام اللقاء بتوزيع شواهد المشاركة على المشاركين في الورشات، وتقديم تذكارات من المنتوجات التقليدية المحلية للدكتور محمد الدريج .

وفي نهاية اللقاء  الأول و الثاني  تدخل السيد رئيس جمعية الأستاذ وشكر الدكتور  المحاضر محمد الدريج  وكذا السادة المكلفين بتأطير و رشات اللقاء الثاني  وكذا الحضور الكريم متمنيا أن تكون الأهداف المسطرة قد تحققت و ضرب موعدا جديدا مع الحضور الكريم في ما يلي من الأنشطة المستقبلية للجمعية . كما اغتنم الفرصة ليوجه شكر خاص إلى النيابـة الإقليميـة لوزارة التربية الوطنية  والتكوين المهنـي بتيزنيت و المجلسين الإقليمي و البلدي لمدينة تيزنيت  و لإدارة مركز التكوينات و الملتقيات .

عن لجنة التواصل بجمعية الأستاذ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق