«الفراشة» يتسببون في غضب الملك على الوزيرين حصاد والعلمي

الملك وحصاد

عاش كل من وزير الداخلية محمد حصاد، وعبد الحفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والخدمات، إلى جانب عدد من الوزراء وكبار الشخصيات، لحظات جد عصيبة ومحرجة أول أمس، بعد أن ألغى الملك محمد السادس في آخر لحظة، وفي سابقة من نوعها بالعاصمة، حضور إطلاق المشروع الوطني لتجارة القرب الذي كان مقررا أن يحتضنه مقر ولاية الرباط.
وظل عدد من الوزراء والبرلمانيين إلى جانب عدد من كبار المسؤولين في الانتظار لحوالي أربع ساعات، بعد اتخاذ كافة الترتيبات لاستقبال الملك، قبل أن يصل وزير الداخلية ويتوجه للمنصة بملامح متجهمة، ليعلن إلغاء النشاط بسبب غضبة ملكية على طبيعة المشروع.
وأخرج حصاد ورقة من جيبه حرص وبشكل علني على قراءة مضمونها، والتي كانت على شكل رسالة إلى من يهمهم الأمر، وقال «لقد اتصل بي جلالة الملك، واتصل بوزير التجارة والصناعة والخدمات، وعبر لنا عن عدم رضاه على البرنامج الخاص بإعادة هيكلة الباعة المتجولين، وأنه لا يرقى إلى المستوى الذي كان يرغب فيه صاحب الجلالة حيث أعطى تعليماته السامية لإعادة النظر في هذا البرنامج حتى يكون ملائما لتعليماته بهذا الصدد ويرقى إلى المستوى المطلوب».
واعتبرت هذه الرسالة بمثابة غضبة موجهة بشكل أساسي لوزير الداخلية حصاد بحكم أن وزارته هي التي أشرفت على وضع تفاصيل هذا البرنامج الذي كان من المنتظر أن يتم تمويل جزء مهم منه من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، على أن يتم تنزيله عن طريق الولايات والعمالات، كما أن الرسالة موجهة أيضا إلى وزير الصناعة والتجارة والخدمات الذي أعدت وزارته دارسة مفصلة حول الباعة المتجولين تم اعتمادها لوضع تفاصيل المشروع.
وكانت مدينة الرباط قد شهدت أجواء استثنائية استعدادا للنشاط الملكي، قبل أن يفاجأ الحاضرون بغضبة ملكية على طبيعة المشروع الذي يهم إعادة تأهيل وهيكلة الباعة المتجولين الذين يصل عددهم إلى 276 ألف شخص، في أفق تحويلهم لقطاع مهيكل والقطع مع ظاهرة الفراشة التي تغزو جميع المدن المغربية، وتحرم خزينة الدولة من 74 مليار سنتيم.
المفاجأة التي نزلت على عدد من كبار مسؤولي الدولة مثل قطعة ثلج بارد بمقر الولاية المكيف، انتقلت أيضا إلى عدد من المسؤولين والمنتخبين ومئات المواطنين الذين ظلوا في الشوارع، بعد أن تم جلبهم من سلا والرباط وتمارة بتعليمات من السلطات بواسطة حافلات تابعة لشركة النقل الحضري ستاريو، والذين انتظروا لأزيد من ثلاث ساعات وصول الملك إلى مقاطعة اليوسفية لتدشين أول مشروع ضمن هذا المخطط.
وحسب ما كشفته مصادر متطابقة، فإن برنامج النشاط الملكي كان يهم إعطاء انطلاقة المشروع الوطني لتجارة القرب بشكل رسمي بمقر ولاية الرباط، قبل أن ينتقل الموكب إلى حي النهضة من أجل تدشين مشروع سوق نموذجي مشكل من طابق تحت أرضي وطابقين علويين، كان من المقرر أن يستفيد منه باعة سوق كندافة، إلى جانب باعة عدد من الأسواق العشوائية الموجودة بالمقاطعة.
وكشفت مصادر متطابقة أن شرارة الغضب الملكي على وزارة الداخلية انتقلت أيضا لوالي الرباط عبد الوافي لفتيت الذي تكلفت فرق عمل تابعة له بإعداد تصور المشروع الذي كان من المنتظر إعطاء انطلاقته بحي النهضة، والذي لم يتم بسط تفاصيله أمام اللجنة المحلية للتنمية البشرية.
وحسب ما كشفه علي بنعلي، عضو غرفة التجارة بالرباط، فإن إعداد المشروع تم في أروقة وزارة الداخلية ولم يتم إشراك أي جهة فيه، رغم الانتقادات السابقة التي وجهت لمذكرة مشتركة بين وزارة الداخلية ووزارة التجارة حول الأسواق النموذجية التي أثبتت فشلا ذريعا، وهي المذكرة التي تم القفز في تنزيلها على أراء المجتمع المدني والمنتخبين.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها «المساء»، فإن تنزيل هذا المشروع كان يتطلب انخراط عدد من مؤسسات القروض الصغرى لتمويل مبلغ الاستفادة من المحلات التجارية التي ستخصص للباعة المتجولين على أساس أن تتولى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تمويل جزء آخر.

مصطفى الحجري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق