مرضى القصور الكلوي بتيزنيت: درس في التعايش مع المرض المزمن بتكلفة باهضة والحلم بحياة أفضل

القصور

إنطلقت المجموعة الشبابية لمبادرة نور الأمل لدعم مرضى القصور الكلوي أواخر شهر يوليوز من الشهر الماضي في سلسلة من الزيارات لمرضى القصور الكلوي بمركز باني لتصفية الدم لتقديم دعم معنوي للمرضى، تخللت هذه الزيارات بعض حوارات مع المرضى و الطاقم الطبي المشرف على عملية تصفية الدم بالمركز لمزيد من التعرف على حالة المرضى و مدى تأثير المرض على مناحي حياتهم، ورأينا أنه ليس من السليم أن تبقى الخلاصات التي توصل إليها حبيسة إجتماعات أعضاء المبادرة و أحاديثهم الثنائية، فقررنا كتابة خلاصات تجربتنا هاته في هذه الأسطر القليلة لإستثارة بعض الإنتباه لمعاناة مرضى القصور الكلوي بالمدينة من أجل فتح نقاش جماعي ليس فقط بين أعضاء مبادرتنا بل بشكل أوسع بحيث يشمل كل المهتمين بالوضع الصحي لهؤلاء المرضى خاصة و الوضع الصحي بالمدينة عامة، هكذا نكون قد فتحنا أحد أهم الأبواب للدعم قضية مرضى القصور الكلوي، ونحن لا نعتقد بأن عملنا هذا سيكون متكاملا و دقيقا مئة بالمئة نظرا لحداثة تجربتنا في هذا المجال، لكن لا بأس في بناء تجربتنا الذاتية المستقلة فأخطاؤنا و احتكاكنا بمن سبقنا تجربة سيكون أفضل معلم.
وعيا منا بأن لكل مرض مزمن تأثيرات صحية على حياة المريض فنحن نعلم أن تأثيراته النفسية و الإجتماعية و المالية لا تقل خطورة على حياته لذلك استهدفنا هذه الجوانب بأسئلة مباشرة و غير مباشرة في إحتكاكنا المباشر بالمرضى لاستخلاص كل ما يتعلق بعلاقة المريض بأفراد عائلته بالدرجة الأولى و بالطاقم الطبي لمركز “باني” ، كما حاولنا التعرف على بعض تاثيرات المرض النفسية على المريض الى جانب تأثير المرض على وضعه المالي ، دون ان ننسى التساؤل حول ما ان كانت هناك التفاتة مجتمعية تجاه هذه الفئة في صراعها مع المرض و سنحاول ان نلخص ما توصلنا إليه لحد الساعة في النقاط التالية:
1. تأثير المرض على الحياة المريض في علاقته مع عائلته وعلى وضعه النفسي و المالي.

• يجمع الخمسون مريضا الذين ممن يتلقون العلاج بمركز بالني لتصفية الدم على الدور الفاعل و المحوري للعائلة التي تتفهم و تتقبل الوضع الصحي الجديد للمصاب بمرض القصور الكلوي، كما اشادوا بالدعم المعنوي و المادي الذي لا تبخل به العائلة بقدر استطاعتها ، و هذا ليس بالغريب في مجتمعنا التزنيتي الذي لا زالت فيه العائلة تحتفظ بتماسكها و تضامنها الإجتماعي.
• أشار احد المرضى لمعطى نفسي يعبر عن القلق النفسي الذي يعيشه المريض تتوجه بعض أزمات يمكن أن نسميها ب “تأنيب الضمير” بسبب تراجع الحالة الصحية للمريض التي تحول بينه و بين القيام بواجباته تجاه أفراد عائلته ، بالاضافة الى إحساسه بشيء من لوم الذات لان حالته الصحية تجعله يحس بنفسه عالة على العائلة.
• يشكو 48 مريضا من أصل 50 مريضا من ثقل مصاريف العلاج و تكلفة التحاليل الباهضة ( ما يقارب 1400 درهم) الى جانب تكلفة بعض الحقن المفروضة على بعض المرضى و التي يبلغ ثمنها 4200 درهم بالإضافة لمصاريف التنقل بالنسبة للمرضى المقيمين بضواحي المدينة ، دون أن ننسى تكاليف علاج بعض الأمراض المرافقة( مرض السكري ، الضغط الدموي …) لمرض القصور الكلوي.
• يشكوا المرضى من غياب المداومة الليلية و قلة الأطر الساهرة على عملية تصفية الدم بالإضافة إلى تقادم و تلف بعض الأجهزة و المعدات ما جعلهم يقلقون تجاه مستقبل و جودة علاجهم بالمركز.

2. الإلتحاق بمركز باني لتصفية الدم و أداء الطاقم الطبي الذي يسهر على تصفية الدم:

الصحة بالنسبة لنا حق أساسي يجب أن تقدمه الدولة للمواطنين فصحة الإنسان لا يمكن أن تكون سلعة يربح منها الأغنياء ويموت بسببها الفقراء ممن لا يستطيعوا شراء الأدوية أو الولوج للمصحات و المستشفيات للتداوي بالمجان، ناهيك عن عدم قدرة بعض متوسطي الحالة المادية القادرين على دفع تكاليف الأدوية و التنقل على الإستمرار في تصفية الدم بعيدا عن المدينة نظرا لعدم تمكنهم على الولوج لبعض المراكز الصحية القريبة محل سكناهم، ناهيك عما يعاني منه من لا يتوفر على الإمكانات للتداوي خارج المدينة ممن أدرجوا في لائحة الإنتظار، والذين ينتظرون الفرصة للإستفادة من خدمات مركز باني، و التي لا يمكن أن تكون إلا بوفاة أحد المرضى أو إنتقاله من المدينة، هذا ما يجعلنا نستغرب مما يمنع الوزارة الوصية و المندوبية من تجهيز المركز و توسيعه بما يجعله يستعيب جيمع مرضى القصور الكلوي بالمدينة و الإقليم لقلتهم مهما بلغ عددهم.

الرسم المبياني التالي يجسد رأي 50 مريضا بالطاقم الطبي الذي يسهر على عملية تصفية الدم بمركز باني:

القصور الكلوي 2

3. مرضى القصور الكلوي بمركز باني و الدعم المالي:
في نقاشاتنا مع مرضى الصور الكلوي و بعد تعبئة 50 مريضا إحدى الإستمارات التي وجهت إليهم من طرف مبادرتنا، صرح أغلب المرضى أنهم لا يتلقون أي دعم مادي من طرف مؤسسات عمومية أو جمعوية، إلا ما يقدمه بعض المتبرعين من مبالغ مالية لتغطية بعض مصاريف الأدوية و النقل و التحاليل بالرغم من كونها غير قارة وصفناها في الرسم المبياني أسفله بالدعم المباشر، هذا إلى جانب أشكال دعم أخرى تنم عن تعاطف المقربين و معارف المرضى تتخذ شكلا أخر غير الدعم المالي المباشر تستهدف النهوض بأحد جوانب حياتهم ( قفة، أدوات مدرسية للأبناء ، أضحية العيد، وسيلة للتنقل ….).
القصور الكلوي
و في سبيل الختم، فإننا كشباب و شابات مبادرة نور الأمل لدعم مرضى القصور الكلوي عازمون على بدل قصار جهدنا تجاه هؤلاء المرضى من منطلق و مبدئ إنساني ثابت في قناعتنا، وبالرغم من إعترافنا بكون هذا الدعم مهما بلغت أهميته لن يستطيع تغطية مصاريف الأدوية و التحاليل، وسيبقى دعمنا لهم سيكون بمثابة من يقدم المورفين لمريض بالسرطان في حالة لم تبادر الدولة بجميع مؤسساتها للنهوض بالقطاع الصحي و التعليمي و الوضع الإجتماعي للمواطنين لتفاذي إصابتهم و تحسين ظروف العلاج في حالة الإصابة، نحن لن نبخل بالدعم المادي و المعنوي لمرضى القصور الكلوي و سنحاول بقدر إستطاعنتا أن نكون ذاك الصدى القوي لآهاتهم في ظل هذه العزلة التي يعيشونها في صراعهم مع هذا المرض الذي صار بالإمكان التداوي منه بزرع الكلي إن توفرت الإرادة في التبرع بها و توفير الشروط العلمية و التقنية لتصنيعها…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق