صحافيون يعتدون على رمضان

الريسوني

بقصد أو بدون قصد، بعلم أو بجهل، تقوم عدة وسائل إعلامية بالعدوان على الشهر الكريم وتشويه سمعته، وقلب حسناته إلى سيئات. وهذه أمثلة مما نجده يوميا في صحافتنا خلال الشهر المبارك.

أولا: إذا وقعت حادثة سير يقولون: الترمضينة بدأت.. حادثة مميتة في رمضان… بينما وسائل الإعلام ذاتها تحدثنا يوميا وعلى مدار العام، بل على مدار الساعة، عن حرب الطرق ومختلف حوادثها وضحاياها وأسبابها… ومثل هذا يقال في الخصومات والشجارات، التي تقع دوما في كل الأسواق والطرقات، لكنهم يبرزونها في رمضان، ويضخمونها في رمضان، وينسبونها إلى رمضان، وكأنها من مواليد رمضان…

ثانيا: تحدثت وسائل إعلامية عديدة — أمس واليوم — عن شاب قتل شقيقه في مطلع رمضان، وتحدثوا عن حوادث شبيهة أخرى. وهو ما يوحي أو يصرح بأن رمضان هو سبب جرائم القتل. وحينما نفحص الخبر، نجد أن السبب هو المخدرات، وأنه كالذي يحصل في كافة ربوع المملكة، طيلة السنة، وعلى مدار اليوم والليلة.

ثالثا: لا تفتُـر وسائل الإعلام عن ذكر الارتفاع في استهلاك المواد الغذائية وفي المصاريف الغذائية لدى المغاربة في رمضان، بما يعني أن الصائمين يأكلون في شهر الصيام أكثر مما يأكلون في غيره.. وهذا غير صحيح، أو غير دقيق. والحقيقة أن الارتفاع الرمضاني في الاستهلاك وفي مصاريف المواد الغذائية، له أسباب أخرى أذكر منها:

1– أن رمضان يمتاز بظاهرة إطعام الفقراء وإمدادهم بالمواد الغذائية بشكل لا مثيل له في غيره، وهذا الخير يعم كافة المدن والقرى.
2– أن ذوي الأعذار الذين لا يستطيعون الصيام يدفعون الفدية، وهي إطعام المساكين.
ومعنى هذا وذاك أن أعدادا كبيرة من المواطنين لا ينالون حظا جيدا من تغذيتهم إلا في رمضان وبفضل رمضان.

3– كما أن معظم الأسر يرتفع مصروفهم الغذائي في رمضان، بسبب الجودة والتحسن النوعي في مائدتهم، وليس بسبب زيادة كمية في أكلهم وشربهم.
رابعا: في مطلع هذا الشهر الكريم، تحدثت وسائل إعلامية بشكل مثير عن إقبال المغاربة على المواقع الإباحية بعد وقت المغرب، وكأن السبب في ذلك هو رمضان، أو كأن المغاربة (هكذا بإطلاق) يتحدَّون أو يتجاهلون رمضان… بينما الحقيقة هي أن ولوج عدد من الشباب لتلك المواقع واقع وجارٍ على الدوام، وأما الجديد الحقيقي في الخبر — لو فحصناه وقرأناه جيدا — فهو أن رواد المواقع الإباحية يهجرون عادتهم السيئة هذه خلال نهار رمضان، ولا يعودون إلا ليلا، مع قصر مدة الليل الآن. وأن المغاربة المجرورين إلى إغراءات تلك المواقع، هم أيضا يصومون رمضان، ويكفون عن عادتهم في وقت الصيام. وحتى الذين يزورون المواقع الإباحية ليلا في رمضان، فهم بدون شك أقل من المعتاد في غير رمضان.

فالنتيجة أن ولوج بعض الشباب المغاربة للمواقع الإباحية يعرف في رمضان انخفاضا كبيرا، وليس إقبالا كبيرا كما ذكرت وسائل إعلامية في خبرها المعكوس، الذي تلقته ورددته بالغباء أو التحامل المهني المعتاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق