عز الدين بوالنيت: الديمقراطية لا يبنيها إلا أبناء الشعب

عز الدين بوالنيت

كثير من الشباب الذين يحملون أحكاما مبرمة عن الحياة السياسية والأحزاب في المغرب، ويستندون إلى فهم يبدو مشوشا لحقيقة عمل المؤسسات المنتخبة، يصرون بإلحاح على أن الانتخابات المقبلة لا تستحق أصواتهم ولا مشاركتهم في مهزلتها.
لهؤلاء أقول:
حسب معرفتي المتواضعة، لم يحدث قط في تاريخ الشعوب أن وجد شعب ما ديمقراطيته ناضجة كاملة على قارعة الطريق، أو اقتناها من محل لبيع الديمقراطيات في أبهى حللها.. كل الشعوب تبني ديمقراطيتها شيئا فشيئا، تصيب وتخطئ وتصحح الأخطاء، ولكنها دائما تعرف أن الاستهانة بواجبها تجاه الديمقراطية قد تؤدي ثمنه غاليا..
في 1933 استهان كثير من المثقفين وأشباه المعارضين بالانتخابات في ألمانيا وايطاليا، فكانت النتيجة أزيد من اثني عشر عاما من الرعب تخللتها حرب عالمية مدمرة. منذ ذلك الوقت فهمت كل الشعوب التي عانت من ويلات تلك الحرب، أن أمر الديمقراطية في غاية الجدية، ولا تجوز الاستهانة به أو التعامل معه كنوع من الرفاهية الزائدة.. وحين انتبه الفرنسيون إلى الكارثة التي كادت تحيق بهم من جراء صعود الجبهة الوطنية إلى الدور الثاني من الرئاسيات، عض المهملون أصابعهم من الندم وقرروا المشاركة بكثافة في الدور الثاني لمواجهة هذا السيناريو المرعب.
الديمقراطية ليست مكسبا نهائيا لا رجعة فيه في أي بلد، بل هي توازنات في حاجة إلى عناية وصيانة مستمرين، بل إنها نوع من البناء الدائم.
الديمقراطية، في أي مكان كانت لا يبنيها إلا أبناء الشعب الراغب حقا في أن يحكم نفسه بنفسه. والموقف اللامبالي او المتعالي على الانتخابات في انتظار وجود ديمقراطية جديرة بأصواتنا موقف لا اسم له إلا العدمية المدموغة بالسذاجة السياسية
عز الدين بونيت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق