حوار مع رئيسة جمعية ” هو وهي سيان “

الصحفية فاطمة بوبكري من “جريدة المنعطف” تحاور رئيس جمعية هو هي سيان حول برنامج ” تعلم لتفيد ” وقضايا المرأة والمجتمه عموما .

رشيدة أباكريم

ـ بداية كيف تقيمون المكتسبات التي حققها المغرب بخصوص قضية المرأة إلى حدود الآن؟

  • في البداية جمعية “هي وهوسِيّان” تحييكم وتحيي كل من أذن الله أن يقرأ هذا الحوار. وردا على سؤالكم “هي وهوسِيّان” ترى أنه بالفعل المغرب حقق مكتسبات جد مميزة وملحوظة في ما يخص قضية المرأة. وهذا باد لكل من يتتبع هذا الموضوع، ولا يمكن لأحد أن يغض الطرف عنه ونخص بالذكر مدونة الأسرة والمناصفة التي جاء بها الدستور. هذا تحقق على مستوى الدولة يعني على مستوى القوانين والتشريعات، ونهنأ بلدنا ونحيي ملكنا على ذلك. أما على المستوى الأسري يعني على أرض الواقع فهذه القوانين والتشريعات لا تُفعل بَعدُ بالشكل المطلوب، فالأمية وقلة الوعي من الأسباب المباشرة لذلك. إلا أننا نتفائل خيرا فالزمن كفيل بأن يغير هذه الوضعية، فالمجهودات المبذولة في هذا الاتجاه تنجح بعون الله في تنوير العقليات وتجعل من احترام وتطبيق القوانين ممارسة وسلوكا رحمة ببلدنا.

ـ لقد ظلـت الواجهة الثقافية والتوعوية مغيبة في نضال الحركات النسائية، في نظركم هل الحركة النسائية اليوم مطالبة بتغيير أسلوبها و استراتيجية عملها النضالي؟  وما مدى نجاح الواجهة الثقافية بمفهومها الواسع في تحقيق مرامي المرأة المغربية ؟

  • هنا لابد أن نشير إلى أن “هي وهو سيّان” ليست جمعية نسائية وليست جمعية حقوقية بل هي اجتماعية ثقافية تربوية. وترى أن كلمة النضال لم يعد لها مكان في ظل ما تحقق من مكتسبات في هذه القضية. الذي يلزم هو العمل الجاد المتقن والمتواصل الذي تتضافر فيه الجهود وتوزع فيه الأدوار بين الرجال والنساء للقضاء على كل الآفات التي تثقل كاهل الأسرة المغربية بعيدا عن كل ما من شأنه تكريس التمييز بين الجنسين. علينا أن نعمل يدا في يد رجالا ونساء ضد كل ما يقلل من شأن الرجل والمرأة معا, ونسمو بالعلاقة بين الإثنين حتى تسود بينهما الأخوة والمودة الدائمتين.

نترك الحركة النسائية جانبا ونقول لكم بأن “هي وهو سِيّان” تؤمن بكل ما سبق ذكره
وتعمل به، وتمد  المغربي والمغربية اليوم في مجال التربية والتكوين،  ببرنامج أطلقت
عليه، كما هو في علمكم، برنامج “تَعلّم لِتُفيد” الذي أبدعته سعيا منها للنهوض بالأسرة
المغربية، لمواكبة النهضة التنموية الشاملة التي تشهدها البلاد ولله الحمد.

ـ ارتباطا بهذا السؤال سطرت جمعيتكم فكرة أسياسية انبنت عليها تمثلت في برنامج “تعلم لتفيد”، هلا أوضحتم للقارئ الكريم أكثر هذه النقطة؟ والبرنامج العام الذي سطرتموه للاشتغال عليه وتنفيذه في إطار جمعيتكم “هي وهو سيان”؟

  • التعلم أساس كل التنمية وبرنامج “تعلّم لِتُفيد” الذي أطلقته جمعية “هي وهو سِيّان” لمعالجة الأمية والهدر المدرسي ومخلفاته هو التكوين الذاتي بالمصاحبة باعتماد مناهج وزارة التربية الوطنية، مع السعي للحصول على الشهادات المدرسية والجامعية. فيه يعتمد المرء أساسا على نفسه، يدرس داخل بيته حسب استعمال الزمن الذي يناسبه، مستعينا بمن حوله من المتعلمين. ويستهدف النساء والرجال في مختلف الأعمار والمنقطعين عن الدراسة وكذا الممدرسين المتعثرين.

وتسجل الجمعية انخراطات واسعة في البرنامج لكونه يستجيب لطموحات المستهدفين،
كما يستجيب لتطلعات المختصين والمهتمين بمجال محاربة الأمية بالمغرب ونخص بالذكر
الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الذين
نوهوا كثيرا ببرنامج “تعلّم لِتُفيد”. وقد توج هذا بتوقيع يوم الجمعة 13 نونبر الجاري على
اتفاقية شراكة وتعاون بين الوكالة والجمعية. وتهدف هذه الاتفاقية إلى  التعريف
ببرنامج “تعلَّم لتُفيد”  لدى الجمعيات العاملة في مجال محو الأمية وما بعد محو الأمية
بالجهات (12) الإثني عشر للمملكة . وإلى توسيع هذا البرنامج على مستفيدين
ومستفيدات أربع جمعيات بجهة سوس ماسة خلال موسم 2015-2016. أما بالنسبة
للمجلس فالجمعية تتواصل معه ولابد أن نتوصل إلى صيغة للتعامل والتعاون بهدف
الاصلاح التربوي المنشود من الطرفين. للإعلام وللصحافة دور فعال في ما حققته
الجمعية فله منا الشكر الجزيل, فقد ساهم بشكل كبير في نشر التجربة  والبرنامج وفكرته…

 

ـ هل قصرت المرأة المثقفة ببلادنا في القيام بدورها في الدفاع عن حقوق المرأة المغربية؟

  • سنوات طوال ونحن نسمع بالدفاع عن حقوق المرأة المغربية… ما تحقق اليوم من مكتسبات في ظل الرعاية السامية لملك البلاد ربما كاف لنغير هذه المصطلحات. فنحن في “هي وهو سِيّان” نِؤمن بأن المغربي والمغربية سِيّان عليهما نفس الواجبات ولهما نفس الحقوق, ولا يمكن أن نتهم أحد بالتقصير في القيام بدوره كما جاء في سؤالكم، وهنا نود أن ننادي المرأة المغربية المثقفة والمتعلمة كما ننادي الرجل المغربي المثقف والمتعلم أن يأخذوا بأيدي من حولهم من غير المتعلمين ومصاحبتهم في مشروع التكوين الذاتي كما ننهجه في برنامج, فأولى الأولويات معالجة الأمية وأول الحقوق حق التعلم للنهوض بالإنسان المغربي ولخدمة هذا البلد العزيز. فالتعلم أساس التنمية وحب الوطن أقوى دافع للتعلم.

ـ البرنامج الذي أطلقته جمعية “هي وهو سِيّان” لمعالجة الأمية ومخلفات الهدر المدرسي تمكنت بفضله الشقيقتين مريم وأم الرضى أباكريم على التوالي من حيازة شهادات السلك الإعدادي والباكلوريا والإجازة بعد انقطاع عن الدراسة دام 40 سنة هلا حدثتمونا عن هذه التجربة؟.

  • السيدتين مريم وأم الرضى أباكريم هما أولى خريجتي برنامج “تعلّم لتُفيد” فقد خاضتا التجربة بعد انقطاع عن الدراسة دام 40 سنة مريم حاصلة على شهادة الدروس الإبتدائية سنة 1966 وأم الرضى سنة 1968 وتجربتهما أثبتت نجاعة وفعالية البرنامج. وقد كان ميلاد فكرته في جمعية “هي وهو سِيّان” في مطلع سنة 2006. في يونيو 2007 حصلت مريم وأم الرضى على شهادة السلك الإعدادي، وبهذا تسجل الجمعية أول نجاح يثبت نجاعة فكرة برنامجها ومنهجيته.

وبعد اجتهاد ومواظبة كبيرين بدعم ومصاحبة من اطر هي وهو سيان، تمكنت مريم وام الرضى (57 سنة و55 سنة)، في يونيو 2010، من حيازة شهادة الباكلوريا. واستثمارا لهذا النجاح الذي قيل عنه نجاح فوق العادة والفريد من نوعه، نادت الجمعية حينها “جميعا من أجل محاربة الأمية والهدر المدرسي جميعا ننادي بنيل الشهادات المدرسية والجامعية”. وبحماس وطموح عاليين، واصلت السيدتين مشوار التعلم بتشجيع وتاطير–من الجمعية ليتمكنتا، في يونيو 2013، من الحصول على الإجازة في الأدب الفرنسي بجامعة ابن زهر بأكادير (مريم 60 سنة وام الرضى 57 سنة). وفي نفس السنة اصدرت الجمعية دليل برنامج “تعلّم لِتُفيد” الذي سطرت فيه اهداف البرنامج ووسائله واليات تنفيذه. والسيدتين مريم وام الرضى يعملن حاليا مؤطرات ومصاحبات متميزات لافواج من المنخرطات في برنامج “تعلّم لِتُفيد”.  وللتذكير فهما عضوات منخرطات بجمعية “هي وهو سِيّان” منذ تأسيسها بمدينة تيزنيت سنة 2003، واليوم مريم رئيسة فرع الجمعية بأكادير وام الرضى أمينة مال الفرع. هذا الفرع الذي تم تاسيسه مؤخرا في اطار تفعيل البرنامج.

ـ تسعون من خلال جمعيتكم للنضال خدمة لقضايا المرأة والطفل في ارتباطها بالوعي ومحاربة الأمية ما الذي حققتموه في هذا الشأن وما هو بر نامجكم المستقبلي؟

  •  جمعية “هي وهو سِيّان” تناصر حق التعلم في صفوف النساء والرجال والأطفال وتنادي بتفعيل القرار الوزاري المنظم لامتحانات شهادة الدروس الإبتدائية في فئة الأحرار، والذي صدر بالجريدة الرسمية سنة 2006 وبموجبه يُسمح لجميع الفئات في مختلف الأعمار باجتياز امتحان شهادة الدروس الابتدائية في فئة الاحرار. تشهر جمعية “هي وهو سِيّان” بهذا القرار وهي تعرف ببرنامجها وتُفعّله بتفعيل برنامجها.

اتفاقية الشراكة والتعاون مع الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية تسطر برنامج عمل مستقبلي مشترك للتعريف بالبرنامج خلال هذا الموسم 2015-2016 في أفق تعميمه في المغرب كله من أجل تحقيق مغرب بدون أمية بعون الله.

ـ إقرار المدونة كان خطوة مهمة في مسار الوضع القانوني للنساء في المغرب، بيد أن تطبيقها ما يزال غير مكتمل و مازالت تواجه  العديد من التحديات هل لكم أن تحدثونا عنها ـ أي التحديات ـ انطلاقا من تجربتكم الميدانية في الموضوع؟

  • أكبر التحديات التي يمكن أن تواجه القانون بصفة عامة عدم تطبيقه واحترامه. والأمية من ضمن الأسباب المباشرة التي تعرقل تطبيق واحترام القانون حيث يصعب أن نسأل الإمتثال للقانون من يجهله ولا يملك الوسيلة لمعرفته أوالإطلاع عليه ولو أراد.. ولا يكفي شرحه في كل مرة.. وبالتالي، فمعالجة الأمية أولى الأولويات، نكرر القول مرة أخرى، وضرورة ملحة لتسهيل عملية تطبيق واحترام القوانين عامة والمتعلقة بالأسرة بصفة خاصة هذا من جهة . ومن جهة أخرى، فالتحلي بالصدق والأمانة والمواطنة الصادقة الإيجابية يجعل من توضع ملفات المواطنين بين أيديهم للبث في قضاياهم ولقضاء أمورهم، وحده يجعلهم يطبقون القانون وهنا نسأل الله أن يحمي بلدنا من تبعات الجهل ونسأله أن يهدي المغاربة أجمعين.

ـ إلى أي حد نجحت جلسات الصلح المعمول بها في حل النزاعات الأسرية بين الرجل والمرأة على حد سواء  وهم يتخبطون في الجهل والأمية؟

  • يعيدنا الحديث عن هذا لأيام خلت حيث كان للجمعية بمدينة تيزنيت مقر إيواء للنساء في وضعية صعبة والطفولة المشردة… وأنشأت مركزا للاستماع وراكمت تجربة مهمة في هذا المجال. وفي سجل الجمعية العديد من جلسات الصلح التي أشرفت عليها “هي وهو سِيّان” وأفلحت بعون الله بشكل ملحوظ في إصلاح ذات البين بين طرفي النزاع داخل الأسر التي التجأت إلى الجمعية… الصلح بين أطراف النزاع ليس بالمهمة السهلة ولا بالأمر الهين، بل يحتاج لنصرة الله لتحقيقه، ولا يتأتى إلا للصادق الأمين الذي يعمل بإخلاص للصالح العام..

واليوم وجهت الجمعية كل الإهتمام لمعالجة الأمية والهدر المدرسي هاتين المعضلتين منبع كل ما شأنه أن يقلل من شأن الرجال والنساء على حد سواء. والجمعية تنادي بإرساء صحوة تعلمية في البلاد، بها بإذن الله، يتحقق مغرب بدون أمية. وبعد ذلك، ترى الجمعية ما يأتي في سلم أولوياتها، فنحن نعمل في “هي وهو سِيّان” بمنطق الأولويات.

وفي الختام، جمعية “هي وهو سِيّان” تشكركم جزيل الشكر وتسأل الله العون والسداد لكل من أراد خيرا بهذا البلد وبالله التوفيق والسلام.

 

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بالتوفيق ان شاء الله ، نتمنى للجمعية الرقي بالمنظومة التربوية على مستوى التربية غير النظامية ، وادماج المنقطعين لمتابعة الدراسة ، والجميل في الأمر هو الحصول على الشهادات ، وهو حافز قد يكون المنطلق لتحقيق قفزة نوعية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق