الفرق بين مبدع ومبتدع بقلم الدكتور حسن عبيابة

Abyaba
لقد شاهدت حلقة مباشرة معكم الأربعاء 9 فبراير الماضي حول مناقشة موضوع : الخطة الوطنية لمحاربة الرشوة.
فعلا نحن في حاجة ماسة وملحة إلى مناقشة هذا الموضوع لنقضي سويا على مرض مزمن عمر طويلا ببلادنا ولم نجد له لقاحا يقضي عليه.لكن الحلقة الإعلامية للموضوع تحولت من نقاش حول ظاهرة الرشوة إلى محاكمة المغاربة كأنهم مفسدون وللرشوة راغبون وللتغيير رافضون.
وهنا أريد أن أوضح الملاحظة التالية:
* أن الوزير المسؤول الحكومي المشرف على المشروع جاء ليؤكد بأن الدراسات التي قامت بها الوزارة أثبتت بأن المواطن المغربي هو الراغب في دفع الرشوة وهي تهمة لشعب بأكمله. ولا أعتقد أن دراسة علمية جادة قد تصل إلى هذا الاستنتاج غير الطبيعي علميا ولاعمليا.
* أن الدراسة التي قدمتها الوزارة أثبتت أن الرشوة تشمل جميع القطاعات وخصوصا في مجال الأمن والتعليم والصحة والقضاء.مما يعني أن الوزارة المعنية تهدي تقريرا مجانيا ورسميا من الحكومة المغربية للمنظمات الدولية ذات الصلة بمحاربة الرشوة لاتهام المغرب بهذه التهم رسميا، وقد عانى المغرب من هذه التقارير. بل إن المغرب طلب هذه السنة من منظمة بعينها بدون ذكر اسمها مغادرة المغرب لكونها تكتب تقارير غير موضوعية عن المغرب.

* أن التوقيت الذي تم فيه تقديم هذه الحلقة يأتي في أزمة اقتصادية واجتماعية بسبب إفلاس 190 ألف مقاولة سنة 2014.وبسبب هروب رجال الأعمال من الاستثمار في بعض القطاعات المشغلة لليد العاملة والتي هي الملاذ الوحيد لتشغيل شبابنا العاطل.
* كما أن ضيوف الحلقة قد اجتهدوا بطريقة ملفتة في كيفية ونوعية العقاب وأكدوا جميعا أن الزجر والعقاب هو السبيل لحل مشكلة الرشوة.
من حق المجتمع المدني أن يتساءل عن كيفية محاربة الرشوة ولكن الوزارة يجب أن تبقى مدافعة عن المؤسسات بدون تأسيس، اتهامات لا يمكن ضبطها والتي لاحد لضررها.
* إن المشكل الحقيقي ليس هو كتابة خطة لمحاربة الرشوة والتي تحتاج إلى مليار درهم وزيادة والتي لا تملك الوزارة منها أي شيء.إنما المشكل هو الاهتمام بالموظف الإداري ماديا ومعنويا أينما كان وكيفما كان مستواه. لأن الاهتمام بالعنصر البشري ماديا ومعنويا هو الحل الحقيقي لمحاربة الرشوة. ولا يمكن لموظف يتقاضى راتبا هزيلا لا يوفر الحياة الكريمة أن تحميه خطة افتراضية غير قابلة للتطبيق.صدق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال كاد الفقر إن يكون كفرا.ويمكن أن نقول أن الخطة المقترحة هي نوع من الفساد بعينه لأنها ستتيح فرص الانتقام والرقابة على الضعفاء وتصفية الحسابات وتتحول الإدارات المغربية إلى معارك مع الجهات المعنية.
* في المغرب توجد أكثر من خطة وأكثر من دراسة وأكثر من برنامج وأكثر من قانون لكن لا يطبق عمليا لسبب  بسيط هو أن الآلية الوحيدة للتطبيق هو توفير الموارد المالية لذلك الشيء الذي لا يقدر عليه أحد.
* إننا لن نحارب مرضا بأدوية فاسدة، وكما يقول الأطباء فإن اللقاح إذا كان ضعيفا فإنه يزيد من المرض.
* إن الجميع يحارب الرشوة ولكن الجميع أيضا حريص على سمعة المغرب والمغاربة.
* إن حلقة الأربعاء كانت حلقة الإعدام باسم الإعلام من شاهد الحلقة وسمع ما قيل فيها يظن أن المغرب بلد فساد ورشوة وانعدام عدالة قضائية.
* إن المستثمر الوطني أو الأجنبي عندما يسمع مسؤولا حكوميا يؤكد وعن طريق دراسات بأن المغرب يستشري فيه الفساد والرشوة في أهم القطاعات فإنه لن يأتي للاستثمار أو للسياحة.كما أننا بهذه الدراسة لن ننتظر إلا المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية المتدنية وفي المراتب المتأخرة.
* إن الفاعل السياسي أو الإعلامي يجب أن يكون قادرا على التوفيق بين الدفاع على حقوق المواطنين وحمايتهم وبين الدفاع عن المؤسسات وعن الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق