أمحمد الطلابي يؤكد في محاضرة حول القيم من سيدي إفني: إنتاج القيم القائدة وإعادة توزيعها من مقاصد الربيع الديمقراطي.

طالبي

أكد أمحمد الطلابي المفكر الإسلامي المغربي واليساري السابق في محاضرة حول خريطة القيم بين الخصوصية والكونية ألقاها نهاية الأسبوع الذي ودعناه بقاعة الاجتماعات البلدية “المسيرة الخضراء” بسيدي إفني أن إنتاج القيم القائدة والمركزية وإعادة توزيعها هي من المقاصد الأربعة للربيع الديمقراطي في الدول العربية والإسلامية ، مذكرا بأن الربيع الديمقراطي سنة تاريخية تمثل التيار العميق لمحيط التاريخ في القرن الواحد والعشرين، هذا الربيع الذي  عرفته مجموعة من الدول الأوربية بداية من الربيع الديمقراطي الأول والمتمثل في الثورة الفرنسية ليجتاح أوربا وأمريكا الشمالية وبعدها اللاتينية وفي تسعينيات القرن العشرين اجتاح أوربا الشرقية ثم بعدها جنوب شرق آسيا لينتقل إلى جنوب إفريقيا حيث انتصر نيلسون مانديلا ،وفي بداية العقد الثاني يشدد عضو منتدى الكرامة لحقوق الإنسان استأنف الربيع الديمقراطي مسيرته في بيئة أخرى اسمها البيئة العربية ،مؤكدا على ضرورة الوعي بالسنن ،ومن حسن حظنا ،يضيف الطلابي،في المحاضرة التي نظمتها الكتابة الإقليمية لشبيبة العدالة والتنمية بسيدي إفني في إطار ملتقاها الثاني بتنسيق مع الكتابة الإقليمية للحزب وحركة التوحيد والإصلاح بسيدي إفني ،أكد أن الربيع الديمقراطي في المغرب مازال ينمو ويتوسع ويتعمق وبالتالي فيجب أن يكون المجتمع المغربي على وعي بمقاصد الربيع الديمقراطي حتى نضع استراتيجيات للنهوض الحقيقي بأوضاع شعبنا خلال مستقبل الأيام ،هذه المقاصد حددها مدير مجلة الفرقان في أربعة ،وهي بالإضافة إلى  المقصد الثالث والذي ذكرناه سابقا ألا وهوإنتاج القيم ،نجد بجانبها ثلاثة أخرى وهي إنتاج السلطة الديمقراطية وإعادة توزيعها ،ثانيا إنتاج الثروة وإعادة توزيعها توزيعا عادلا ، ورابعا إنتاج المفاهيم الفكرية الموجهة وإعادة توزيعها ، مما يجسد أربع ثورات سياسة واقتصادية واجتماعية وفكرية ،ليفصل المحاضر بعد ذلك في خريطة القيم في عصر الربيع الديمقراطي والتي تتجسد في خمس حزم كبرى تمثل بوصلة القيم القائدة ،أولها حزمة قيم الإيمان ،ثانيها حزمة قيم الأخوة ،والثالثة حزمة قيم العمران والرابعة حزمة قيم الآدمية أما الخامسة فهي حزمة قيم الضمير، معرفا القيمة القائدة بأنها معتقد ما يصل إلى درجة التقديس عند جماعة ما أي أن الاعتراف بها يصل إلى درجة التشبع المطلق فهو غير قابل للخدش أو المس ، لتصبح بعد ذلك الموجه العام للفرد أو الجماعة أو الأمة في جميع أنشطتهم ليتحول ذلك إلى أسلوب ونمط حياة ، مبرزا أن هذه القيم القائدة تنمو وتموت وبالتالي ضرورة تتبع الصيرورة التاريخية للقيم ،والتي يمكن أن يكون مصدرها إلاهي كما يمكن أن يكون بشري ،فهي كما تنمو وتزدهر قد تختنق وتموت ،فالقيمة يوضح الطلابي تتغذى مثل الكائن الحي مشددا أن هناك أوعية تتغذى منها القيم ، مشيرا أن هناك تصارع بين وعاءين أساسيين العقلي والعقدي إما أن يسود الأول حيث يكون الفرد عبدا للمادة والشهوة والتي تنكر وجود الله والغيب أما الثاني والذي ينتج عنه تفتق القيم في أنفسنا وواقعنا المعاش فتزدهر ،فلا وجود لمجتمع دون قيم مركزية ، معرجا على رأي الفلسفة الوجودية في شخص رائدها جون بول سارتر حول سؤال ما الغاية من وجود الإنسان ؟ مجيبا أنه ليست هناك غاية من وجود الإنسان وبما أنه لاغاية من وجودك كإنسان فافعل ما تشاء حسب الفلسفة الوجودية أنت حر مطلق كن ملحدا كن شهوانيا الغاية الوحيدة هي تحقيق ملذات الجسم ،فالحداثة حسب الطلابي هيمن عليها معبود جديد هو إلاه الشهوة وعبادة الشهوة فكل ما يحقق ذلك فهو الغاية عندهم أن تمشي عاريا فهذه حرية والمثلية حرية والسحاقية حرية ،وبالتالي فالغاية من الوجود عند الحضارة الغربية هي عبادة الشهوة ، أما غاية الوجود في الحضارة الإسلامية يشدد عضو الجمعية المغربية للبيئة والتنمية ينطلق من الآية الكريمة في قوله تعالى :” وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” وبالتالي فقيم الإسلام المرتكزة على عبادة الله إذا عاشت في قيم عبادة الشهوة ستختنق وتعرف جفافا ومجاعة ، فهناك إذن ،يردف عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح قائلا،: فهناك تدافع بين قيم المسلمين وقيم الغرب تدافع بين عبادة الله كقيمة مركزية عند المسلم وعبادة الشهوة  كقيمة قائدة عند المجتمع الغربي، وبالفعل أثرت الحضارة الغربية في أفكارنا ومعتقداتنا فاستبدلوا الإيمان بالإلحاد وعبادة الله بعبادة المادة والشهوة ،فانتشر عندنا ما يسمى بالتيار العلماني ،ليفصل أكثر في وعاء آخر للقيم ألا وهو الوعاء الأخلاقي السلوكي مما يؤثر سلبا أو إيجابا في القيم القائدة والموجهة،نعم يؤكد عضو المؤتمر القومي الإسلامي هناك عقيدة وإيمان قوي بالغيب وبوجود الله ولكن لايتجسد ذلك في أخلاقنا وتصرفاتنا مما ينتج عنه خلل وشرخ في قيمنا القائدة ولايساهم في ازدهارها وتفتقها محذرا في نفس الوقت من موت الضمير عند مثل هؤلاء ولم يعد هناك شعور بالذنب حيث سيكون لذلك أثرا بليغا على المجتمعات العربية والإسلامية ،ليختم بالوعاء الأخير للقيم وهو الوعاء التاريخي مشددا على ضرورة الاستفادة من قيم الحضارة الغربية(الديمقراطية،العقلانية،احترام الوقت،الشفافية،المحاسبة وغيرها) لأننا نعيش يشدد الطلابي ركودا في الإنتاجية واحترام الوقت والمواعيد كقيم راسخة عندهم ، مقدما إحصائيات قام بها مكتب دراسات عربي قام بدراسة حول الإنتاجية عند الموظف في العالم العربي والمقدرة ب 17 دقيقة في ثمان ساعات عمل بالمقارنة مع الغرب الذي يعمل وينتج في 7 ساعات على ثمانية ،في حين عند الصين واليابان 18 على 8 ، ما زال العالم العربي متخلف في تنظيم الزمان وهي قيم جميلة وعالية نعم الإسلام جاء لترتيب الزمان لكن غير مفعل يشدد الطلابي على أرض الواقع مما يلح بضرورة اعتماد الوعاء التاريخي لترسيخ القيم،مبرزا أن العالم اليوم يعود شيئا فشيئا إلى ترسيخ قيمة الإيمان بأن هناك قوة غيبية لا مادية تدبر هذا الكون ولأن البشرية جربت 200 سنة من الإلحاد ،وأن الإسلام من صفاته الكونية يجب أن يستثمر ذلك كله ،فالمسلمون ، يؤكد أمحمد الطلابي عضو معهد للدراسات والإعلام ، ليست لهم خصوصية بل كونية لأنها من خصائص الإسلام ،فبعد أحداث 11 من سبتنبر يشدد المحاضر ،عرف انتشار الإسلام في أمريكا نقلة نوعية حسب معهد فابيوس من نسبة 54 في المئة إلى 68 في المئة مما يدل على أن الدين ينمو وقيم الإيمان تتفتق وتزدهر في أمريكا ، في حين حذر المحاضر من حزمة قيم الأخوة التي بدأت تندثر حيث نجد في يومنا هذا وفي مجتمعاتنا العربية والمغربية غياب شبه تام لقيم المحبة والولاء للدين والوطن والوفاء بفعل انتشار المادية ،معرجا على الخمسة عشر سنة التي قضاها في اليسار الشيوعي والماركسية اللينينية وغيرها وعند عودته للدين الإسلامي يضيف الطلابي وجد أن ماركس وغيره يعتبرون بعوضة بالمقارنة مع كونية الإسلام، دين له نوابض عملاقة قادرة على التحدي ، مبرزا أن ما تتعرض له الدول العربية اليوم من العراق وسوريا واليمن وغيرها سببها اندثار قيمة الولاء للدين والوطن الواحد وقيمة الأخوة هي التي تعاني اليوم الأمرين ،وهذا ما أدى حسب الطلابي إلى تفكك الأوطان العربية وتشتتها في أيامنا هذه في القرن الواحد والعشرين لأن العصر عصر التكتلات الكبرى،مذكرا بالصين كنموذج والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية والهند وغيرها مؤكدا في الأخير على أن الصين سنة 2030 ستكون أول دولة اقتصادية في العالم مما يستوجب التوحد والتكتل بالنسبة للدول العربية والإسلامية ، وبعد انتهاء المحاضرة تجاوب الحضور بمداخلات قيمة أغنت النقاش حول موضوع القيم التي تعتبر من المواضيع القيمة حسب تصريحات متطابقة لجل الحضور للتجديد.

                                                                                                                                                         الحبيب الطلاب     

طلابي 2 طلبي 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق