توديع رمضان عبر و فضائل و أحكام. بقلم : سعيد بنيس

خطبة العيد لسعيد بنيس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*( خطبة الجمعة في موضوع  )*:

[توديع رمضان: عبر و فضائل و أحكام]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*الحمد لله جعل الإنابة مع الخشوع ميزة لأهل العلم ذوي الهمم العلية إذ قال عز من قائل :&  أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ  ((9& سورة الزمر

* و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد حث أمته على التحلى بالحياء و مجانبة الوقاحة و البذاء، فقال عليه الصلاة و السلام :   & الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، و البذاء من الجفاء، و الجفاء في النار & رواه الترمذي عن أبي هريرة

* و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،  لم يُسَوِّ بين السباقين إلى الطاعات والمكرمات و المتوانين عنها اكتفاءا بالتعليق على الأحداث حيث قال عز شأنه: & لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً، وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95)&  سورة النساء.

* ونشهد أن سيدنا و نبينا و مولانا محمدا عبد الله و رسوله            و مصطفاه من خلقه و خليله، القائل عليه الصلاة و السلام :& تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإن من كانت الدنيا أكبرَ همِّه أفشى اللهُ ضيعتَه، وجعل الفقرَ بين عينيه، و من كانت الآخرةُ أكبرَ هَمِّه يسَّرَ اللهُ عليه أمورَه، و جمع له شمله، و جعل الغنى في قلبه، وما من عبد أقبل على الله بوجهه إلا جعل الله قلوب المومنين تفِد إليه بالوُدِّ و الرحمة، و كان الله إليه بكل خير أسرع &.(الطبراني في الكبير و الأوسط        و البيهقي في الزهد ) فصلى الله عليه و سلم من نبي أمين، ناصح حليم، وعلى آله وصحابته  و التابعين، وعلى من حافظ على دينه و شريعته   و استمسك بهديه و سنته إلى يوم الدين .

* أما بعد ، من يطع الله و رسوله فقد رشد و اهتدى، و سلك  منهاجا قويما و سبيلا رشدا ومن يعص الله و رسوله فقد غوى  و اعتدى، و حاد عن الطريق المشروع و لا يضر إلا نفسه و لا يضر أحدا، نسأل الله تعالى أن يجعلنا و إياكم ممن يطيعه  و يطيع رسوله، حتى ينال من خير الدارين أمله و سؤله، فإنما نحن بالله و له .

عباد الله : بالأمس القريب، أهل علينا شهر رمضان الحبيب،  شهر الرحمة و المغفرة والعتق من النار، شهر الصيام و القيام وتلاوة  القرآن، شهر المؤازة و المواساة و الحنان، شهر التوبة و الإنابة، شهر التبتل والدعوات المستجابة، وهاهو معاشر المؤمنين قد انتصب لنا مودعا،  فانظروا رحمكم الله كيف يكون وداعكم له، فإنه شاهد على المسيء بالإساءة،وعلى المحسن بالإحسان، تفكروا رعاكم الله في سرعة انصرام الليالي و الأيام، تأكل من أعمارنا، وتقطع من آمالنا، ففي ذلك عبرة    و أية عبرة، فاستعدوا عباد الله لتوديع هذا الشهر بتوبة صادقة، وداع من يريد الفراق، إذ لا أحد منا يدري هل سيبلغه مرة أخرى أم يعاجله أجله فيجاء به إلى القبر و يساق،  أو ليس قد صامه معنا من السنة الماضية إخوان لنا وأصدقاء، فما استتموا العام الغابر، ولا أدركهم رمضان الحاضر إلا وهم تحت التراب، بل كم من إخوان لنا ابتدأوا معنا صيامه وقيامه، فما أدركوا كماله و تمامه، فالآخرة يا عباد الله أقرب إلى الواحد منا من شراك نعله، و الموت إذا جاء لا محالة يفرق بين المرء و ماله وأهله، فلا تُوَدِّعوا شهر الصيام الفضيل، دون استخلاص عبره         و مواعظه، وتمثل دروسه و فوائده، ألا فاعلموا أن من أهدافه أن يؤسس في نفوسنا إذا نحن صمناه حق الصيام، و قمناه حق القيام: الأخلاقَ الفاضلة، و أن يرد إلى جادة الصواب القلوبَ الغافلة، عن الأحوال المائلة، وإن من أهداف رمضان معشر الصائمين أن يُخَلِّقنا بالهمة العلية، و بما يرتبط بهذا الخُلـُق من سلوكات مرضية، إذ الإيمان والعمل الصالح قرينان، لا يصح افتراقهما، كيف و العمل بما يدعو إليه الإيمان هو الدليل الوحيد على علو الهمة في نفس الإنسان، علو الهمة أيها الإخوان خُلـُق يرفع صاحبه عن الدنايا، و يجنبه الخطايا، وينزهه عن صغائر الأمور و سفسافها، و يحلق به إلى المكارم و عليائها، فمن علو الهمة:1العملُ لكسب الرزق من الحلال، والمشيُ في مناكب الأرض لطلبه في أي مجال، والترفع عن سؤال الناس دون ضرورة ملحة ملجئة، فاليد العليا خير من اليد السفلى،ومن علو الهمة:2 التنافسُ في فعل الخيرات، والتسابق إلى تحقيق النفع الخاص و العام، و من علو الهمة:3 قيادة الخلق بالحق إلى الحق، و تحمل المسؤولية بالعدل مع الإخلاص والجد،ومن علو الهمة:4الصبرعلى تحمل المشاق والاستهانة بما يعترض المرء في طريقه النظيف من مضايقات لتحقيق الطموحات و المجد. و بالمقابل ـ أيها المؤمنون ـ يتنافى الصيام مع انحطاط الهمة و نزول النفس إلى حضيض الرخيص من الشهوات،و الوقوع في أسافل الأمور و صغائرها،فالكسل و الخمول،و كثرة الهزل و المزاح،          و الإفراط في اللهو والتملص من المسؤوليات،أوالتخلق بالسلبية         و الانعزالية، و العزوف عن المشاركة في ما فيه نفع للبلاد والعباد، والبخل بالمساهمة في أعمال البر والإحسان مع القدرة عليها، كل ذلك دليل على انحطاطٍ في همة الإنسان، و انعدامٍ للقيمة المعنوية بين الأنام، و هذا أمر يأباه الله لعباده المؤمنين، و يحرمه ديننا على جميع المسلمين، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى للإنسانية جمعاء،      و كذلك الرسل جميعا و الأنبياء عليهم السلام ـ كانوا متخلقين بعلو الهمة، مرتقين من معالي الأمور إلى القمة، عَظـُمَ جلالُ الله في قلوبهم، وصَغُرَت الدنيا في أعينهم، زهدوا فيها فملكوها و ما ملكتهم و سخروها لطاعة الله فما شغلتهم عن الآخرة و التزود لها و لا صرفتهم، و ما ألهتهم أموالهم ولا أولادهم عن ذكر الله و لا فتنتهم،بل كان شعارهم جميعا ما حكاه القرآن عنهم:&إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت& و كذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم و السلف الصالح من هذه الأمة، كانوا يتطلعون إلى أعلى المطالب و أسماها، فلم ينشغلوا أبدا بمحقرات الأمور و أدناها، حفظوا أوقات أعمارهم عن الهدر والإضاعة، أو السعي إلى الكاسد من البضاعة، فلم يبددوا جهدهم فيما لا نفع فيه، و لم يستنفدوا طاقتهم في غير مسلك وجيه، بل كانوا يرجون من الله تعالى التجارة التي لن تبور، فباعوا أنفسهم و أموالهم لله، و قدموا التضحيات تلو التضحيات في سبيل الله، فأنجح الربُّ الكريم تجارتـَهم ، وأربح الربحَ العظيم بيعهم اذكروا إن شئتم قوله تعالى:& إنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ&،111 سورة التوبة.

فاتقوا الله عباد الله. و انظروا كيف مدح سبحانه  و تعالى المؤمنين أصحاب الهمة و النشاط إلى العبادة، والرغبة في تحصيل كرامة الحسنى وزيادة، إذ قال عز شأنه & تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قـُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ (18) &(سورة السجدة)،وتأملوا يا عباد الله في حال رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، و مع ذلك يأبى له علو همته إلا أن يقوم الليل، و يطيل فيه القيام، حتى تفطرت قدماه و تورمت، و حتى قالت له السيدة عائشة رضي الله عنها و قد أشفقت من حاله : &أتـُكَلَّفُ هذا و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ & فأجابها صلى الله عليه و سلم بما يدل على علو همته، و سمو مرتبته في العبودية و عظيم منزلته: &أفلا أكون عبدا شكورا؟& إنه مقام عظيم، و منزل سام كريم، رسول الله صلى الله عليه  و سلم لا يعبد طمعا في الثواب، و لا يقوم الليل خوفا من العقاب، بل يفعل ذلك شكرا للمنعم على ما أنعم، وعلى ما أولاه مولاه به وتكرم،فأين هم الذائقون لهذا المعنى الرفيع؟و أين هم الطامحون للتأسي برسول الله صلى الله عليه و سلم في هذا المسلك البديع؟ ما أقلهم و ما أندرهم،& وإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا،وَإِنْ قَلَّتْ & هكذا حدث مولانا رسول الله صلى الله عليه و سلم

ألا فاغتنموا ياعباد الله،ما تبقى من هذا الشهر الكريم قبل رحيله،و توبوا إلى ربكم قبل فوات الفوت و مفاجأة الموت و نزوله، واعلموا أن العبد إذا تاب و أقبل على ربه أنسى اللهُ حَفَظَتـَهُ ذنوبه، و أنسى ذلك جوارحه و معالمه من الأرض، حتى يلقى الله و ليس عليه شاهِدٌ بذنب، فالله أفرح بتوبة عبده من العقيم الوالد، و من الضال الواجد، و من الظمآن الوارد، فانهضوا رحمكم الله إلى حضرة ربكم، و تأسوا في نهوضكم بنبيكم صلى الله عليه وسلم، فقد كان أعلم الخلق بالله وأخشاهم له،       و أخلصهم  صلاة و صياما و أقومهم تبتلا و قياما،و اعملوا بما أمركم به و رغبكم فيه، و اجعلوا من اليقظة و السهر في العبادة بدلا عن النوم و الغفلة، و استعيضوا بمناجاة الله تعالى عن محادثة الناس و الخلان، لعلكم تجدون ذلك ذخرا في يوم تعظم فيه الأهوال و تشيب الولدان،     و اجتهدوا هداكم كي تصادفوا ليلة القدر التي عظمت منزلـة و قدرا، ليلة ينزل فيها الروح الأمين، في جمع وافر من الملائكة الأكرمين، أخرج البخاري و غيره أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :& من قام ليلة القدر إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه & وذكر ابن أبي حاتم في تفسيره : & أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر يوما أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين سنة لم يعصوه طرفة عين، فعجب الصحابة من ذلك، فأتاه جبريل فقال: يا محمد قد أنزل الله عليك خيرا من ذلك، ليلة القدر خير من ألف شهر، هذه أفضل من ذلك، فـَسُرَّ بذلك  رسول الله صلى الله عليه و سلم و الناسُ &، فيا لها من ليلة قد فاق قدرها التقدير بالمقدار، و عمت رحمة الله فيها العصاةَ و الأبرار،       و اعلموا أنها على المشهور في العشر الأواخر من غير تعيين، لكن جرى عمل الناس اليوم و قبله بأزمان على التعيين وأنها ليلة سابع      و عشرين، و مستندهم في ذلك ما أخرجه الإمام مسلم و غيره من حديث أبي بن كعب قال :& و الله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان، و الله إني أعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بقيامها، هي ليلة صبيحة يوم سبع وعشرين، و أمارتُها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها &.

عباد الله لا تجعلوا ليلة سابع و عشرين خاتمة أزوادكم، و لا تتخذوها وحدها غاية مجاهدتكم فعسى أن تكون ليلة القدر بعدها، فقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:& التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان & وروى البيهقي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :& لله في كل ليلة من رمضان عند الإفطار ألفُ ألفِ عتيق من النار كلهم قد استوجبوا النار، فإذا كان آخرُ يوم من رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بقدر ما أعتق من أول الشهر إلى آخره & وروى ابن ماجة و غيره مرفوعا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :& من قام ليلة العيدين محتسبا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب &*جعل الله تعالى من صيامنا رمضان هذا العام سببا لتطهيرنا مما يخدش هممنا،و وفق لصالح الأقوال والأعمال والأحوال أميرناو مأمورنا ونفعني الله و إياكم بالذكر الحكيم و كلام سيد الأولين والآخرين سبحان ربك رب العزة عما يصفون،و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين

الخطبة الثانية

* الحمد لله على نواله و إفضاله، والصلاة  والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي الأمي، الصادق الزكي، و على آله ، وعلى جميع من تعلق بأذياله ، و نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله   و بعد :أيها المومنون اعلموا أن الشيطان  يعقد على قافية الإنسان إذا هو نام ليمنعه من اليقظة في جنح الظلام إلى عبادة الله تعالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:& يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس، و إلا أصبح خبيث النفس كسلان&( البخاري و مسلم )  وُذكِر رجلٌ لرسول الله صلى الله عليه و سلم أنه ما زال نائما حتى أصبح ما قام إلى الصلاة، قال صلى الله عليه و سلم:&ذلك رجل بال الشيطان في أذنه أو قال في أذنيه & نعم أيها المؤمنون هكذا تتوالى عقد الكسل على الإنسان، ويضرب عليها بوساوس الشيطان، فتنحط همته، وتنحل عزمته، و متى تراكمت عليه هذه العقد صارت خَبَلا مُقـْعِدا عن النشاط و الفاعلية، فنعوذ بالله من هذه الحال، ألا فاتقوا الله عباد الله و لا تنسوا وصايا نبيكم صلى الله عليه  سلم الذي قال: &إن الله رضي لكم مكارم الأخلاق و كره لكم سفسافها& فليس من المكارم إطلاقا الجلوس في الطرقات أو القعود أمام الممرات لتتبع العوراتورصد الحركات،وليس من علو الهمة أبدا رفع الأصوات بالكلام البذيء و القهقهات، وليس من علو الهمة في شيء تزجية الأوقات بالهمز واللمز والسخرية من هذا أو ذاك، نرجو الله تعالى أن يصلح حالنا و حالكم، و أن يشغلنا بعيوبنا عن عيوب الناس، و أن يشغلنا بما يعنينا من أمورنا عما لا يعنينا من أمور الناس، فقد قال صلى الله عليه و سلم: & من حُسْن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه & واعلموا أن من الواجب عليكم أداء زكاة الفطر فقد فرضها رسول الله صلى الله عليه و سلم على كل مسلم و مسلمة، حر أو عبد، غني أو فقير، صغير أو كبير، تجب على من فضلت عن قوته و قوت عياله، يخرجها عن نفسه و عمن تلزمه نفقته من خالص ماله، و قدرها صاع نبوي أي أربعة أمداد بمد يديه الشريفتين لا مقبوضتين و لا مبسوطتين تُخرج من غالب قوت البلد قمحٍ أو شعيرٍ أو ذرةٍ أو أرزٍ أو تمرٍ أو أقط ( أي لبن مجفف) وَوَزْنُ الفطرة الواحدة من القمح هو ما يعادل 2,175  كيلوغرام، تدفع لمن تحقق فيه وصف الفقر و المسكنة من المسلمين دون غيرهم، ولا تدفع في مقابل منفعة حاصلة أو مرتقبة و لا تدفع في مقابل شيء من عمل العُمَّال كفرَّان أو نفـَّار أو زبَّال، لأن ذلك يزيل عنها وصف القربة إلى المعاوضة و لكن يمكن أن تدفع لهؤلاء لوصف المسكنة والحاجة فيهم لا في مقابل أعمالهم، و اعلموا هداكم الله و فتح بصائركم للفهم أن هذه الزكاة: زكاةُ أبدان و ليست بزكاة أموال، دليله ما رواه أبو داود و ابن ماجة و الحاكم و قال صحيح على شرط البخاري:& أن رسول الله صلى الله عليه و سلم فرض صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو الرفث،وطـُعمة للمساكين، فمن أداها  قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، و من أداها بعد الصلاة فإنما هي صدقة من الصدقات & ، وروى ابن شاهين في ترهيبه و قال جيد الإسناد و الضياء المقدسي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :& صوم شهر رمضان معلق بين السماء والأرض لا يرفع إلا بزكاة الفطر& و تأهبوا رعاكم الله لصلاة العيد في وقتها و على سنتها و هيئتها، و اغتسلوا لها على سبيل الندب والاستحباب و مَسُّوا من الطيب ما يستحسن، و البسوا ما يزينكم في العيد من الجديد والحسن،و قدموا الأكل قبل الذهاب للمصلى،       و أكثروا من التكبير و الحمد فإنهما شعارُ العيد عند المسلمين وزينتُهُ  قال تعالى& قد أفلح من تزكى و ذكر اسم ربه فصلى & وصلوا أرحامكم، و بروا آباءكم و أمهاتكم، وأوسعوا في النفقة على عيالكم، و أصلحوا ذات بينكم يصلح لكم الله شؤونكم، واستعينوا على ذلك كله بالإكثار من الصلاة و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق،       و الهادي إلى صراطك المستقيم،وعلى آله حق قدره و مقداره العظيم.صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات،و تقضي لنا بها جميع الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات، و ترفعنا بها أعلى الدرجات و تبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة و بعد الممات، آمين. و ارض اللهم عن أصحاب رسولك وخلفاء نبيك القائمين معه وبعده على الوجه الذي أمربه و ارتضاه و استنه خصوصا الخلفاء الأربعة، و العشرة المبشرين بالجنة  والأنصار منهم و المهاجرين، و عن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، اللهم انفعنا يا مولانا بمحبتهم،  و انظمنا يا مولانا في سلك ودادهم، و لاتخالف بنا عن نهجهم القويم    و سنتهم،(ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلا  للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم .)(سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين).

الخطبة من إنشاء عبد ربه الفقير إلى فضل الله و رحمته :

& ذ. سعيد منقار بنيس& أستاذ العلوم الشرعية

بالمدرسة القرآنية التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني

مفتش منسق جهوي للتعليم ثانوي مادة التربية الإسلامية (متقاعد)  

الخطيب بمسجد & الرضوان & لافيليت /عين البرجة/ الدار البيضاء

البريدالالكتروني [email protected]  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق