سياسة الكراسي الفارغة ومقاطعة الانتخابات البرلمانية …من الخاسر؟ ومن الرابح؟ بقلم : سليمان لبيب

1

تتباين وجهات نظر المحللين السياسيين في أي مكان أو أي دولة حيال تهديد القوى السياسية فيها بمقاطعة الانتخابات أيا كان نوعها، حيث يرى فريق منهم ان هذا التهديد مجرد مناورة سياسية لن ترتقي لحيز التنفيذ، بينما يعتبر آخرون ان المقاطعة ضرورة لإعادة الاوضاع لمسارها الصحيح.
غير ان الحقيقة المبنية على تجارب عالمية كثيرة تثبت أنه نادرا ما تجلب المقاطعة النتائج المرجوة في التأثير السياسي أو في تسريع الوصول إلى الإصلاح السياسي المرغوب، وإن كان هذا في الوقت ذاته لا يعني أن المقاطعة دائما ما تفشل، لكن شروط نجاح أي مقاطعة انتخابية صعبة بل صعبة جدا

وفي هذا الجانب يخلص بعض المحللين الى القول بأن تأثير المقاطعة ضعيف، وان الداعين لها يخرجون في النهاية دون أي نتيجة عملية سوى القول أننا قاطعنا الانتخابات. ويرى كثير من الساسة في ذلك ان العمل السياسي الإصلاحي صعب ومتشعب ويجب العمل فيه من خلال استراتيجية عملية طويلة المدى تعتمد على التدرج بهدف الوصول إلى الإصلاح الشامل، حيث يرون انه من الممكن قبول الأقل على صعيد الاصلاح دون الاستسلام أو التنازل عن هدف الاصلاح الشامل.
ويرون أن الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات موقف ضعيف وسلبي مهما اهتزت ثقة الشعوب في صدق حكوماتها وفي نزاهة الانتخابات، وان التصويت يبقى أرقى أشكال التعبير الحر وحق قبل أن يكون واجبا لقطع الطريق على كل من يحاول أن يفرض وصايته على رغبات الشعوب.
إننا بالمقاطعة، سنجعل دورنا هامشيا في الحياة السياسية، كما يعتبر ذلك تقزيما وتحجيما لدورنا في المجتمع. نحن على العكس من ذلك نريد أن نكون أشخاصا فاعلين ومواطنين مؤثرين، وليس مجرد متفرجين يقفون على الرصيف، بينما نترك قطار التنمية في بلادنا يمضي مسرعا بقيادة المفسدين دون أن نحرك ساكنا.
وخلاصة القول إن فكر المقاطعة لن ينجح، وأن مَن يُروّج له، سيُصاب باكتئاب سياسي، عندما يرى الشعوب، تتقدم بقوة نحو صناديق الاقتراع، من دون أدنى اعتبار، لأي رأي هادم أو مخرب، فالمقاطعة لاتزيد إلا الطين بلة، وتبقي دار لقمان على حالها، بل فكرة المقاطعة هي تكريس لسياسة الأمر الواقع، وتهرب من مواجهة الفساد والتزوير، ويمكن القول أن ترك الساحة فارغة وعدم المشاركة يعتبر خيانة تاريخية للمسؤولية الملقاة على عاتقنا،لأننا بمقاطعتنا سنكون قد منحنا الفرصة للمفسدين للسيطرة على المشهد السياسي في بلادنا عموما وبمنطقتنا على الخصوص، وفي الأخير أقول أن التغيير لن يتحقق بالكراسي الفارغة ومقاطعة الاستحقاقات.

ذ:سليمان لبيب الباعمراني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق